يحاول هذا البحث کشف ملامح البنية السردية وسماتها في کتاب الحيوان بوصفه تأسيسا للسردية العربية القديمة المکتوبة غير الشفاهية، عبر استجلاء التتابع والترابط وتعدد الأصوات فيه، والوصف والحرکة والتشخيص، والمرجعية المعرفية وأثرها من ناحية البنية أو القيمة الجمالية، وکذلک المکون الحجاجي في خطاب الکتاب، وأثره في إنتاج التماسک السردي ودوره الجمالي، وغيرها من المظاهر الخاصة بالسرد والدراسات السردية التي تعد نوعا من البرهنة على جماليات بعض السرد العربي القديم وتأکيدا على خصوصية الشکل وعوامل إنتاج القيمة الجمالية وأدوات الإمتاع فيها. وتضاف لهذه الدوافع کذلک أن کتاب الحيوان سابق زمنيا لکثير من الکتابات اللاحقة التي تم الاشتغال على بنيتها السردية والکشف عن کثير من ملامحها مثل کتابات أبي حيان التوحيدي أو المقامات، بما يجعل البحث في کتاب الحيوان بحثا في التأسيس، أو عودة إلى الخلف خطوات أکثر فإذا هي مفاجأة أن يکون الکتاب على هذا النحو المتقدم من الدقة السردية وتوظيف العلامات بشکل يکاد يکون مثاليا أو على الأقل أقرب للاکتمال الفني وللنمط السردي المنتج للجماليات ولما يحقق الأدبية أو الشعرية السردية