المستخلص
تهدف هذه الورقة البحثية إلى إلقاء الضوء على ظاهرة مهمة عرفها المجتمع المصري إبان عصر الرومان وهي ظاهرة العذر المرضي، فقد سجلت الوثائق البردية من ذلک العصر اعتذار الأشخاص بالمرض أو تعللهم به في مناسبات ومواقف متعددة، منها المواقف التي يعتذر فيها الأشخاص عن القيام بمسئولياتهم الوظيفية والمالية والقانونية؛ تنصلاً من أداء واجب، يوجب التقصير فيه توقيع العقوبة القانونية على المقصر، ومن أمثلة ذلک الاعتذار بالمرض عن المثول أمام المحاکم، والتأخر في سداد الضرائب المفروضة، وأداء مهام الوظيفة العامة، والخدمة الإلزامية، والوفاء بالتزامات العقود. ومنها المواقف التي يعتذر فيها الأشخاص بالمرض عن القيام بواجباتهم الاجتماعية والأدبية، تنصلاً من أداء واجب، يوجب التقصير فيه تعرض المقصر للوم والعتاب الذي يهدد بدوره علاقاته الاجتماعية، ومن أمثلة ذلک الاعتذار بالمرض عن التواصل وصلة الأرحام وأداء الواجبات الاجتماعية.
وضعت الإدارة الرومانية ضابطاً لقبول العذر المرضي، وهو المرض المسبب للعجز الجسدي والإعاقة عن القيام بالواجبات الرسمة، کما قننت سن الشيخوخة المبيح للإعفاء بسن السبعين في أوائل عصر الرومان، ثم خفضت الإدارة الرومانية سن الإعفاء تدريجياً بحسب انخفاض متوسط العمر وانتشار الأوبئة والأمراض، ومن ثم يمکن القول أن ضوابط قبول العذر اختلفت من فترة لأخرى في ضوء المراسيم والقرارات الإدارية المنظمة والأبروکيماتا الصادرة عن الأباطرة الرومان في الحالات المماثلة.