تعکس المواقع الأثرية إرث الشعوب وإنجازاتها الثقافية والحضارية، فهي المکان الذي أثبت أصالته في مقاومة قوى التغيير، وهي المرجع البصري للطابع المعماري المميز لتلک المجتمعات، وتتشکل المواقع الأثرية بمصر من مستويات متباينة نتيجة المخزون التراثي المعماري والحضاري التي تحظى به بداية من العمارة المصرية القديمة ومرورا بعصور الإغريق والرومان ثم العمارة الإسلامية بداية من مسجد عمر بن العاص وعمارات العصر الأموي والطولوني والإخشيدي والفاطمي والأيوبي والمملوکي والعثماني، ثم عمارة نهضة مصر"محمد علي باشا" الممزوجة بالتأثير الأوروبي، مما يستوجب الإستفادة من ذلک المخزون وتوظيفه کأداة فعالة في التطوير والإبداع التشکيلي والمعماري والعمراني.
وفي النصف الاخير من القرن العشرين ظهرت العديد من الاتجاهات التي تنادي بالحفاظ على المواقع الأثرية والارتقاء بها واستثمارها والوقوف على المؤثرات السلبية المسببة لتدهور حالتها نتيجة غياب الوعي والإهمال والتعديات والفوضى بين المباني والبيئة المحيطة ، فالمواقع الأثرية تقع في محيط حيوي نابض وعمران قائم، مما يوجد نوع من التفاعل بين تلک النطاقات والتأثير المتبادل، حيث تؤثر البيئة العمرانية المحيطة على المواقع الأثرية وتتأثر بها، وهو ما يستوجب الوعي بمدخلات البيئة العمرانية المحيطة وعلاقتها بتلک المواقع باعتبارها أحد المؤثرات الهامة التي تغير من حالة الأثر.
لذا يهدف البحث لتقديم حلول تصميمية مستدامة لتنسيق المواقع الأثرية دورها الأساسي هو التنمية والارتقاء بتلک المواقع، واستثمارها ثقافيا، واجتماعيا، واقتصاديا.