إن البنية الدالة في العمل الفني هي التي تساعد على فهمه وادراکه، کما تساعد فلسفيا على تحديد رؤية الفنان المبدع للعالم لذا کان من الهام إسناد البناء إلى الدلالة فهما مکونان داخليان للعمل الفني بهما يتضح قوة التصميم في العمل الفني ومعناه. ومن خلال العمل الفني نحاول استنطاق البنية بحثاً عن الدلالة المناسبة، فالبنى الصغيرة تکون دلالات صغرى وبتجميع البنى يعطى دلالة کلية شاملة توضح المعنى وتؤدي وظيفتها. وإذا کانت الباحثة قد خصصت لفظة (البنية الترکيبية) على وجه الخصوص فإنه يتضح من الدلالة اللغوية لمفهوم البنية الترکيبية أنها موضوع منتظم الشکل يتکون من تراکيب بين العناصر الداخليه (الجزء) لتکوين (الکل) المنتظم ذات النسق، کما أن مفهوم البنية الترکيبية يؤسس ثنائية واضحة بين (المعنى والمبنى) بحيث يکون أي زيادة في المبنى المرکب يقابلها زيادة في المعنى وينتج عن ذلک أن أي تحول في البنية يتخلف عنه بالتبعية تحولاً في الدلالة.
وبناء على ما سبق وجدت الباحثة أن لوحة الجورنيکا والتي قام برسمها الفنان الاسباني بابلو بيکاسو Pablo Picasso من اللوحات التي يمکن أن يتم تحليلها استنادا على البنية الترکيبية الدالة، حيث مرت اللوحة بعدة مراحل حيث امتزج الانفعال الوجداني بالحدث ثم بعد ذلک التفکير في إعادة صياغة وبنية العناصر بما يتلائم مع دلالتها الوظيفية، فقد صاغ بيکاسو لوحته ما بين الاندفاع الشعوري العاطفي وبين إعادة التفکير في تنظيمها وبنيتها، فنفذ بيکاسو بشکل انفعالي وجداني عددا ضخما من الرسوم التحضيرية لهذا العمل ما يقرب من 65 اسکتشاً ثم أعاد التفکير فيها کبنية تشکيلية ودلالية ورمزية حتي تؤدي وظيفتها التي تحمل قضية فکرية وإبداعية فنية، فمرت الأشکال بمراحل تطورية على المستويين البنائي التشکيلي