تمثل الهوية الفکرية جزء من بناء الذات الانسانية التي تمکن الانسان من بلورة افکاره و وقدراته  ومواهبه التي يرتسم حدودها ضمن امکاناته وطاقاته واکتشاف الطرق المثلى لتحقيق الابداع ، فهي بمثابة الحاجز الذي يفصل بينه وبين التبعية والتقليد الاعمى الخالي من اي رؤى فکرية باتجاه التميز والابداع .  ومما لاشک فيه ان العملية الابداعية من اولويات الفنون التشکيلية ، باعتبارها ممارسة فکرية ، وبالتالي فان تحقيق الهوية الفنية التشکيلية بالنسبة للنحت العربي هي مسالة اثبات ذات وکينونة فهي تضع النحات العربي امام مفترق طرق ما بين الانجذاب الى الطروحات الفنية الغربية وانتشارها على مستوى العالم واعتبارها لغة الفن المعاصرة ، وبين الاستلهام من الارث او اکمال مسيرة النحت العربي الذي تعود جذوره  لحضارة عريقة تمتد لقرون مليئة بالإبداع .  مما يولد ذلک جدلية في تحقيق الهوية لاسيما بوجود  الرؤى المختلفة في مفهومها ضمن مجال الفن التشکيلي . ومن هنا تولدت حاجة الدراسة في هذا البحث الموسوم (النحت العربي المعاصر واشکالية تحقيق الهوية- مصر والعراق انموذجاً )  الذي تضمن المقدمة وضح الباحث فيها مشکلة بحثه التي تبلورت بالتساؤل عن کيفية تحقيق الهوية العربية في ظل الانفتاح الفني التشکيلي العالمي وفي نفس الوقت البقاء ضمن الحرکة الفنية المعاصرة لفن النحت في العالم . وهدف البحث الذي تلخص بالکشف عن اشکالية تحقيق هوية النحت العربي المعاصر وتسليط الضوء على هذه الاشکالية بغية التوصل لحلها . واهمية البحث التي تولدت من اهمية الموضوع المعالج وحساسيته في نطاق النحت العربي المعاصر ودوره في رسم ملامحه وخصوصيته، فضلا عما يمکن ان يقدمه من فائدة علمية للدارسين والمهتمين في مجال الفن التشکيلي .وحدود البحث التي تحددت بدراسة الاعمال النحتية في دولتي مصر والعراق وذلک لقدم التجربة الفنية النحتية فيهما بالنسبة لبقية الدول العربية ، وضمن فترة زمنية ( 1980 -2017 م) باعتبار النتاج النحتي لهذه الفترة ممثل لحرکة النحت المعاصر. کما تضمن البحث فصلين استعرض الفصل الاول مفهوم الهوية الفنية في الفن التشکيلي ، والفصل الثاني الذي تضمن هوية النحت العربي في مصر والعراق لمرحلة النحاتين الرواد  والفصل الثالث الذي يتعرض للنحت العربي المعاصر المتمثل بالجيل التسعيني وما تلاه ، في مجال تحقيق الهوية العربية اما الفصل الرابع فقد احتوى على النتائج ومناقشتها .