تعتبر تخطيط المدن ومراکز العمران والاستقرار البشري من العمليات التنظيمية المصاحبة لحياة الإنسان على مر العصور، وذلک من خلال سعيه إلى استخدام الأرض بالشکل المناسب من أجل تحقيق فائدة قصوى من کل شبر منها وتخطيط الشوارع، وتوجيه نمو المناطق الحضرية بصورة مدروسة، وتوفير أسباب الراحة للسکان وإبراز الرونق الحضري والشکل المعماري الجميل الذي يجعل کل فرد يحس بجمال المدينة رغم تعقدها.
وعليه فإن هذا البحث الذي بعنوان: تخطيط المدن والعمارة الإسلامية ومعالمها في السودان الأوسط، هو دراسة في جغرافية العمران الحضري يهدف إلى دراسة أنماط تخطيط المدن والمراکز الحضرية وإبراز معالم العمارة الإسلامية في مدن السودان الأوسط (حوض بحيرة تشاد) التي تعتبر واحدة من أبرز بقاع العالم الإسلامي التي اشتهرت بقيام المدن والمراکز الحضرية القديمة والتي تميزت بخصائصها العمرانية والمعمارية، وبمواد البناء المستنبطة من البيئة المحلية الأمر الذي جعلها مهيأة لاستيعاب أعداد کبيرة من السکان رغم البساطة وتوفير بعض الخدمات المجتمعية الأساسية متميزة عن غيرها من المدن والمراکز الحضرية الأخرى بالعالم الإسلامي.
وعلى الرغم من قدم المدن والمدنيات في منطقة السودان الأوسط فإن دراسة تلک المدن بإبراز معالمها التخطيطية والعمرانية والمعمارية على مستوى الدراسات الجغرافية أمر ليس بالأمر السهل في الوقت الراهن نتيجة اندثار معظمها وندرة الدراسات والخرائط والمخططات الحضرية في هذه المنطقة من إفريقيا بالتحديد.
فسعت الدراسة إلى إبراز معالم العمارة الإسلامية في بعض مدن السودان الأوسط من خلال الإشارة إلى بداية دخول طراز العمارة الترکية والمغربية والأندلسية وظهور الطراز المحلي الإفريقي. مع تحديد نماذج من المرافق العامة التي تبرز فن المعمار الإسلامي، وخاصة الجوامع والمساجد القديمة وهندسة بناءها ونوع معمارها من الداخل والخارج.