هدفت هذه الدراسة إلى قراءة المناظرة التي عقدها الآمدي في كتاب الموازنة بين صاحبي أبي تمام والبحتري، وتُعَدُّ هذه المناظرة ممارسة أسلوبية غير معهودة في حقل الدراسات النقدية؛ إذ استطاع الآمدي من خلالها أن يوازن بين حجج فريقين من الرواة، فريق يميل إلى شعر البحتري، وآخر يميل إلى شعر أبي تمام، ومن خلال هذه الموازنة ناقش كثيرا من المشكلات النقدية التي شغلت الساحة الأدبية في عصره، وذلك بأسلوب حواري ضَمَّنه ثقافته، وكشف من خلاله عن المشكلة التي شغلت تفكيره النقدي، واعتمدت هذه الدراسة على المنهج الاستقرائي التحليلي، وتوصلت إلى جملة من النتائج كان من أبرزها أن الآمديَّ أقرَّ في هذه المناظرة صورَ النقد الذوقي القديم، واتخذ منها وسيلة في إصدار أحكامه النقدية على شعر الشاعرين، كما أنه لم تكن مشكلات اللحن وتفشيه، والبديع والإسراف فيه، والسرقات الشعرية التي أثارتها المناظرة هي المشكلات الفاصلة في الخصومة بين أبي تمام والبحتري؛ وذلك لأنها مأخذ شائع، وقاسم مشترك بين الشعراء القدامى والمحدثين، وإنما تبلورت المشكلة النقدية الرئيسة عند الآمدي في تكريسه للاتباع، وتنميطه للإبداع، ومحاولة وضعه في أنموذج شعري مثال، سمّاه بعمود الشعر، وحصره في اتباع طريقة الأوائل في التأليف الشعري من حيث اللغة والتركيب والخيال، وجعله معيارا للموازنة بين الشاعرين، وأساسا في محاكمة نصوصهما الشعرية.