الصناعة النحوية في صورتها الأولى والأهم هي قواعد النحو، وتوصف اختصارا بأنها لفظية، والمعنى هو مبدأ العملية اللغوية فهو الأصل الذي يراد التعبير عنه، ولذا يتعاون المعنى وهو الأساس مع الأداة المعبرة عنه وهي الألفاظ اللغوية شفاها أو کتابة. وقاعدة اتصال الضمير وانفصاله في اللغة العربية تنبني على مراعاة اللفظ والمعنى في تجلياتها المتنوعة سواء أکان الاتصال واجبا أم ممنوعا أم جائزا.
وقد فصل العلماء الکلام في هذه القواعد، ويتبين من البحث أن الصنعة اللفظية وإن حظيت بالنصيب الأکبر في تحديد حکم الاتصال والانفصال إلا أنه في بعض المواضع يصعب الفصل بين المعنى والصناعة في تحرير قاعدة الاتصال والانفصال.
ويمکن القول إن شهرة صياغة هذه القاعدة في ألفية ابن مالک الشهيرة لا يجعلها غفلا قبله بل مظاهرها متجلية لکونها قاعدة نحوية أصيلة ، وقد حاول العلماء جمع مواضعها وتحريرها، وقمت بجمعها من مصادر متعددة ودراستها تحت مفهومي الصناعة والمعنى.
وأؤکد أن الصناعة اللفظية إن ظفرت بالنصيب الأکبر من مواضع الاتصال والانفصال فذلک لأنها ليست مواضع يستوجب اللفظ فقط اتصالها أو انفصالها بل لها أيضا أسبابها المنطقية ، فالفاعل قرين الفعل ، والفعل يقتضيه عقلا فهو به ألصق فإن کان الفاعل ضميرا والضمائر تأتي للاختصار فاتصاله بالفعل له ما يبرره عقلا وسماعا ، وکذا المفعول في الأفعال التي تقتضيه، فکلاهما مرتبط بالفعل ، وبالتالي إن کان أحدهما أو کلاهما ضميراً کانا لشدة طلب الفعل لهما أقرب إلى الاتصال به ما لم يعرض مانع من ذلک، وهذا ما تم الکشف عنه في ثنايا البحث.