لقد تناولت الدراسة مواقف بعض مؤرخي القرن التاسع الهجري من الشيعة والتشيع، وقد اختصت الدراسة بموقف کل من تقي الدين المقريزي ،وأبو المحاسن ابن تغري بردي، وقد تباينت مواقفهم من خلال کتاباتهم التاريخية ،فالمقريزي أملي عليه نسبه للعبيدين بعض الميل إليهم ،حيث حاول المقريزي إثبات صحة نسبهم إلي آل البيت ؛ لأن ذلک يثبت نسب المقريزي نفسه إلي آل البيت ،ونفيه لنسبهم يعني نفي النسب عنه ،وقد ذکر بعض مناقبهم وانتقدهم في البعض الآخر، فقد کان أکثر إنصافًا عند تناول سيرة الخلفاء الفاطميين؛ حيث لم يخفي شيئاً من عيوبهم، أو ستر ما ذاع من فضائحهم ؛حيث يمکن القول بأنه کان لديه ميول للفاطميين بحکم النسب لا بحکم الاعتقاد. أما ابن تغري بردي وموقفه من نسب العبيدين لآل البيت ،فقد نقل أقوال المؤرخين حول ذلک سواء المنکرين منهم أو المؤيدين، ورجح أن في النسب اختلاف کثير، وأن أهل العلم بالأنساب من المحقّقين ينکرون دعوى ذلک النسب،وقد اتخذ موقفًا واحداً متشددًاً من الشيعة والتشيع؛ فأخذ يشهر بهم ويعرض بهم في کتاباته التاريخية کلما اقتضى الأمر ذلک، فنعتهم بأشد الأوصاف قسوة وجعل الرفض ممحاة لکل فضيلة، ومعاداتهم من أرفع وأجل الفضائل، حيث کان التشيع عنده دائماً ما يکون ميزانًا للحکم على الأشخاص والتعريف بهم.