بدون التطرق إلي الجدل المثار حاليا حول حجم مشکلة البطالة في مصر، يمکن القول وبدون مغالاة إن مشکلة البطالة أصبحت أحد حقائق الواقع المعاش في مصر في الوقت الراهن، ومن أخطر المشاکل التي تؤرق بال کل مهتم بالشأن المصري. فلا تکاد تخلو أية وسيلة من وسائل الاعلام المکتوب والمرئي من طرح لهذا الموضوع، ولا يخلو أي خطاب سياسي أو منتدي فکري من التصدي اليها. کما لا توجد أية أسرة مصرية تعيش بعيدة کل البعد عن هذه المشکلة. وليس من قبيل المبالغة القول بأن علاج هذه القضية أصبح هو المقياس الحقيقي لنجاح الاصلاح الاقتصادي في مصر.
وتعد ظاهرة البطالة من أهم الاختلالات الهيکلية في الاقتصاد المصري، إن لم تکن أهمها علي الإطلاق. ومنبع الأهمية لا يکمن فقط في تزايد أعداد المتعطلين عن العمل وما يمثله ذلک من تبديد للموارد التي أنفقت علي التعليم والتدريب وهو ما جعل البعض ينظر إلي التعليم علي أنه استثمار في موارد عاطلة. وإنما مرجع الأهمية أن ظاهرة البطالة تعمل علي حرمان الفرد ذاته وحقه في مستوي مقبول من المعيشة، وخاصة في فترة الشباب وهي أخصب مراحل العمر، ويترتب علي ذلک نتائج اجتماعية وسياسية خطيرة ولا يخفي الارتباط بين ظاهرة البطالة ومعدلات نمو الجريمة وأعمال العنف.