ملخص البحث:
استطاع نبيل خلف من خلال أعماله المسرحية أن يتفهم بعمق وصدق ذهنية طفل اليوم واحتياجاته الجديدة وأشواقه المدهشة، مفهوم لا يتجاهل العصر ومعارفه وتقنياته المغايرة ولا يتجاهل ثقافة الطفل العلمية والسياسية، مفهوم ينطلق من ذهنية موسوعية ومن حس وحدس يستشرف آفاق المستقبل, مفهوم لا يستخف بعقول الأطفال ولا ينقص من قدراتهم ولا يستهين بخيالهم المجنح، وأن سعى الأطفال لاکتشاف العالم بشغف ونهم ومتعة يشبه کثيرا سعى العلماء للاکتشاف وإبداع رؤى جديدة للعالم.
يرى نبيل خلف من خلال مسرحه أن العلم يجب أن يکون لصالح القيم الإنسانية وليس ضدها، فهو لا يستنکر التقدم العلمي ولا يعادى العلم، بل يعادى الحماقة التي لم يتخلى عنها البشر في توظيف إدارة العلم وأدوات الإنجاز الحضاري، مؤکدا على فکرة المسئولية الإنسانية عن التطور، فکل تقدم علمي لا يضع المتطلبات الإنسانية في اعتباره لن يصمد طويلا في مواجهة الزمن وسيسقط سريعا من ذاکرة التاريخ، وأنه مهما تقدم العلم وظهرت الموسوعات والنظريات فلا بديل عن أفکار الإنسان وخياله الخصب وستظل کل هذه الاختراعات في النهاية غير قادرة على أن تحل
محل الإنسان.
في جميع أعمال نبيل خلف المسرحية تتبدى وحشية الواقع ودمويته، ووحشية الکبار المسئولين عن هذا الواقع بمخازيه وشروره، وسيکون الخلاص دائما على يد الأطفال الذين لابد أن يثورا والذين يؤکد المؤلف دون کلل ولا ملل على مقدرتهم الفذة على إعادة أوضاع العالم إلى طبيعته الخيرة، فالأطفال کما يرى نبيل خلف أکثر ذکاء مما نظن ولديهم المقدرة على تغير وجه العالم لو أتيحت لهم الفرصة.
تعکس ثورة الأطفال على الواقع في مسرحيات نبيل خلف القيمة الوجدانية الأساسية التي تضع کافة هذه الإبداعات في نسق عاطفي واحد، وتنبعث ثورة الأطفال في جميع الحالات من وجدان غاضب، يمثل الغضب المحور الأساسي لإبداعاته من أجل التغير للأفضل.
تمثل النزعة الأخلاقية رافدا حيويا من روافد التجارب الإبداعية لنبيل خلف ,بل ويعد حاسما من أبعاد بناء شخصيات مسرحياته، وعاملا جوهريا من العوامل المحرکة للأحداث.