ملخص البحث
إنه لم يتح للمسرح العربي الظفر بحرکة مسرحية منظمة أو دعوات ذات بيان تنظيري ممنهج تم استقراؤه وتمحيصه وصياغته من واقع خبرة إبداع مسبق کالتي ظفرت به الاحتفالية ولقد أثبت نفسها بکل ما أثمرته من أعمال وتجارب, تتراوح درجة انطباقها مع تعليماتها ومبادئها ما بين الاجتزاء الکامل وبين التحرر المبدع دوراناً في فلکها الکلي.
فالاحتفالية تيار مسرحي يعتمد علي مجموعة من الضوابط الفنية المخزونة في الذاکرة الجماعية للإنسان العربي, کمسألة توظيف جماليات التعبير الشعبي بما فيه من إشارات ايجابية سمعية وبصرية وحرکية ونفسية, وهي في هذا الموقف تعمل علي تقريب الخطاب المسرحي من الإنسان البسيط, فلا وجود لحواجز تحول بين من يعطي الفرجة والجمهور, ويرکز هذا المسرح الاحتفالي علي (المسرح الفقير) وما يتلاءم معه من بساطة في الديکور والإکسسوار.
ولقد تعددت أسباب رفض الاحتفالية للمسرح القائم فهي تري أن المسرح العربي منذ نشأته وهو يحمل ثوباً أوربياً, مما جعل الحياة الثقافية التي يعيشها المواطن من خلال أحد معابرها وهو المسرح تقع خارج مرکزها, بعيداً عن عقل ووجدان الأمة.
وکانت لهزيمة حزيران 1967 دور هام في قيام الاحتفالية, کما کان للمجهودات التي قام بها عبد الکريم برشيد منذ 1971 وجماعة المسرح الاحتفالي في المغرب في مجال النقد والمتابعة والابداع والتأهيل والتنظير دوراً في هذا القيام کذلک ظهور المسرح الشعبي في أوربا, فکان الاتجاه للاحتفالية کبديل للمسرح السائد بشقيه الهاوي والاحترافي.
ولقد تأثر الاحتفاليون بشکل واضح بالمفکرين والمسرحيين المصريين: يوسف إدريس, توفيق الحکيم علي الراعي, وهذا التأثر کان هو الأساس في محاولتهم لتقديم نظرية مسرحية ذات
طابع عربي.
وبالرغم من أن عبدالکريم برشيد أکمل الخط الذي بدأه إدريس والحکيم والراعي والصديقي, والمدني من أجل إيجاد صيغة واضحة وهوية مستقلة للمسرح العربي, وما زال يثري هذا الخط سواء بالتنظير أو الإبداع إلا أن مسرحاً العربي سيقف عاجزاً دون أن يملک مقومات وجوده ودون أن يکون أداة تغير وبناء إذا ظل متقوقعاً علي نفسه.