تعتبر مرحلة الطفولة مرحلة بالغة الأهمية في حياة الفرد المستقبلية, ومن ثم فعناية الأسرة والمجتمع بالأطفال, وتوفير الحياة الآمنة لهم وإبعادهم عن الانحراف, وبث القيم الحميدة يؤدي إلى اكتساب الشخصية السوية التي تساعد في تقدم وتنمية شعوبها, ولكن قد يظهر بعض المنحرفين الذين يمثلون خطرًا وتهديدًا على مجتمعهم وعلى حياة وأموال الآخرين, فهم يسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية, ولو على حساب الأخرين, فالمنحرفين السيكوباتين يمثلون مشكلة قانونية واقتصادية داخل المجتمع, وذلك من جراء فقد هذة العناصر البشرية التي كان من الممكن أن تكون مفيدة للمجتمع.
وتشير العديد من الدراسات إلى أهمية دراسة الانحراف السيكوباتي, لمعرفة المزيد عن سلوك الأبناء وأثر الفعل الي يقومون به في المجتمع الذين يعيشون فيه, فالأبناء ذوي الانحراف السيكوباتي في دور الرعاية الاجتماعية يمثلون خطرًا كبيرًا على أنفسهم وعلى الآخرين من جراء سلوكهم الهدام لنظام المجتمع.
وتمثل فئة الأبناء في دور الرعاية قطاع غير قليل في المجتمع الذين يعيشون فيه إذ تتعدد أسباب دخول مؤسسات الأحداث الجانحين كحالات التشرد, وإرتكاب أفعال لا يقرها المجتمع كالسرقة والقتل.( أنور الشرقاوي,150:1986 ).
فالسيكوباتي لا يعتدي على نفسه أو غيرة بالصدفة, فسلوكه العدواني له أسباب ودوافع منها ما يرجع إلى نشأته وتربيته في الأسرة ومنها ما يرجع إلى دوافع لا شعورية ورغبة في الأنتقام, فالجانح هو شخص ذو سلوك عدواني يتميز بكراهيته وعدائه للمجتمع, وأن سلوكه العدواني هو رد فعل طبيعي للمعاملة القاسية التي تعامل بها. (سهير كامل, 16:1993 ).
والسلوك العدواني قد يأخذ أشكالًا وصورًا مختلفة, تختلف من فرد لأخر فيرى أدلر أن العدوان مظهر لإرادة القوة, في حين يراه فرويد مظهرًا لغريزة الموت في مقابل الليبيدو كمظهر لغريزة الحياة, وقد يكون العدوان مباشر أو غير مباشر وقد يفشل الفرد في توجيه العدوان مباشرة إلى مصدرة الأصلي خوفًا من العقاب أو لإحساسه بعدم الندية فيحوله إلى شيء أخر. (حسين عبد القادر,480:1993 ).
ويهتم البحث بدراسة الإنحراف السيكوباتي لدى الأبناء في دور الرعاية الاجتماعية فالشخص السيكوباتي عادة يبحث عن اللذة العاجلة مهما كان فيها من ضرر إذ يوجد من بين السيكوباتين من يغلب عليهم الاتجاة العدواني والذي يصل إلى الجرائم ومنهم من يتسم بالخمول ويسود حياتهم الفوضى.
وبناءًا على ما سبق ترى الباحثة أن الابناء في دور الرعاية ينقسمون إلى أنماط متمايزة فمنهم العدواني ومنهم السيكوباتي ومنهم المجرم ومن ثم فدوافع كل منهم للقيام بفعل ضد المجتمع مختلفة طبقًا للفئة التي ينتمي إليها.
وتشير دراسات عديدة مثل دراسة كل من (عباس متولي,1981. أحمد البهي,1991. سهام عبد الحميد,محمد السيد صديق,1999). إلى أن أطفال مؤسسات الرعاية يتميزون بخصائص سلوكية تميزهم عن أقرانهم العاديين, فقد وجد أنهم أكثر شعورًا بالنقص وأكثر قلقًا وأكثر عدوانية وانحرافًا, ويشعرون أنهم غير مقبولين من المجتمع, وأكثر معاناة وشعور بإحباطات الطفولة ويدركون أنفسهم على أنهم منبوذين من قبل أبائهم وأنهم يتميزون بالسلوكيات غير التوافقية.