يعد مفهوم وجهة الضبط واحداً من المفاهيم التي لاقت اهتماماً واسعاً وكبيراً بحيث أصبح محوراً للعديد من الدراسات التربوية والنفسية، كما أنه أصبح أحد الاتجاهات الأساسية والمركزية في فهم الشخصية. (بن سيديا، 1986: 21).
وقد أطلق الباحثون تسميات متعددة لهذا المفهوم منها: مركز التحكم، موضع التحكم، مركز السيطرة، وجهة التحكم، القدرة على التحكم، محور الضبط، مركز الضبط، ... الخ. وقد نشأ مفهوم مركز الضبط في منتصف الخمسينات مرتبطاً بنظرية روتر في التعلم الاجتماعي، ثم قام كل من فارس Phares وجيمس James بتطويره ليحتل موضعاً مهما في دراسات الشخصية (زيدان، 1997: 222).
ويُعدّ مفهوم وجهة الضبط مفهوماً واقعياً بخاصة عندما يسعى الأفراد إلى تفسير أسباب نجاحهم وفشلهم، وتحديد مصادر تلك الأسباب وإمكانية السيطرة عليها في المواقف الحياتية المختلفة، وفي ضوء ذلك يندفع الفرد إلى أداء المهمة ولا يسقط من حساباته أهمية وضرورة معرفة وفهم ما يؤثر على أدائه وتحديد نوعية ومصادر التأثير. فضلاً عن أن استيعاب النتائج المتحققة في مهمة ما وتخزينها كاستراتيجيات يمكن الإفادة منها في القيام بمهمات وفهم أحداث مستقبلية (قطامي، 1994: 48).
وبناءً على ذلك، فالفرد الذي يدرك أن ثمة علاقة بين سلوكه والتعزيزات الناتجة عنه سواء أكانت إيجابية أم سلبية، ينشأ لديه اعتقاد في الضبط الداخلي، وهذا الفرد يعتبر أن المهارة (Skill) لها دور كبير في تعلمه أساليب السلوك المختلفة في أي موقف، أما الفرد الذي لا يدرك أن ثمة علاقة ممكنة تقوم بين سلوكه والتعزيزات الناتجة عنه فيوصف بأنه ذو توجه خارجي للضبط، وهو فرد يعتبر أن الصدفة (Chance) لها دور كبير في تعلمه أساليب السلوك المختلفة في أي موقف (Rotter, 1966 ).
وعندما يوصف وجهة الضبط داخلياً أو خارجياً، فهذا لا يعني أن هناك نوعين من الشخصية، وإن كل شخص إما أن يكون داخلي، أو خارجي الضبط، فالأشخاص يتسمون بدرجات مختلفة من التوجه نحو الضبط الداخلي أو الخارجي، ولذا لا توجد أنماط نقية من هاتين الفئتين لموقع الضبط فقد يختلف إدراك الفرد لمركز الضبط من مركز لآخر كما يختلف من شخص لآخر في نفس الموقف، ويرجع ذلك إلى عوامل مختلفة من أهمها الدافعية ومعززات السلوك ومحددات الدور والموقف (محمد، 1993: 240).