مع بداية القرن الحادي والعشرون ظهر اتجاه عالمي نحو التغيير التنظيمي والمجتمعي، ومن هذا الاتجاه ظهرت الحاجة إلى قيادة أکثر شمولاً تضم الجوانب الأربعة التي تشکل جوهر الإنسان وهي: الجسد (الجانب المادي) والعقل (الجانب المنطقي أو العقلاني) والقلب (العواطف والمشاعر) والروح. (Fry, 2003: 693).
ولقد أولت الدراسات الخاصة بالعلوم الاجتماعية في العقود الأخيرة من القرن العشرين قدراً من الاهتمام بموضوعات القيادة، حيث بذل الکتاب والباحثون جهداً لفهم وتعريف القيادة رغم الجدل الثائر حول مفاهيمها ونماذجها، ولکن على الرغم من ذلک فإن تعريف القيادة أسهل من أن يصبح الفرد قائداً، فالقدرة على القيادة تبنى على افتراض أساسي هو القدرة على التعبير عن النفس من خلال الجسد والعقل والعاطفة والروح حيث اتضح من جهود العديد من الباحثين (Bass, 1997:130 ; Fairholm, 1996:68 ; Fry, 2003:120) أن توافر الطاقة الروحية عند القائد يمثل أحد جوانب السلوک التحفيزي لمرؤوسيه وکذلک جانباً أساسياً لفاعلية قيادته لهؤلاء المرؤوسين (289 :Jeon, 2011).
تعتمد نظرية القيادة الروحية على نظرية المسار-الهدف، تلک التي تُمکن القادة من زيادة دافعية الأفراد لإنجاز العمل من خلال توفير المسارات الواضحة التي يجب عليهم إنجازها، ومسئولية القائد هنا هي إلهام الأفراد من خلال التوجيه والتدريب وإعطاء التعليمات والإرشادات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة (Bodla et al.,2013:117).
وتعتبر نظرية القيادة الروحية نموذج للتطور والتحول التنظيمي، حيث تهدف إلى خلق دوافع جوهرية، وتحقيق التعلم التنظيمي للمنظمة (Fry, 2003:242).
وتتطلب القيادة الروحية القيام بما يلزم من خلال الإيمان والثقة في رؤية واضحة ومُقنعة، والتي تولد شعور بأن للعمل رسالة، وهذا جزء من الرضا الروحي الذي يُعطى للفرد شعور بأنه ذو تأثير، وبالتالي بأن لحياة الفرد معنى، ومن ثم فإن القيادة الروحية ينتُج عنها الأمل والإيمان برؤية المنظمة، والتي تجعل التابعين ينظرون دائما إلى المستقبل (Fry&Slocum,2008:86).
وتأتى أهمية القيادة الروحية من استيعاب الاحتياجات الأساسية لکلٍ من القائد وتابعيه من أجل تحقيق الرضا الروحي، وذلک من خلال بناء رؤية وقيم تتوافق مع الحاجات الفردية وتمکين الفريق وتقليل المستويات التنظيمية، وفى النهاية تعزيز مستويات عالية من الرضا الوظيفي، والانضباط التنظيمي، وکذلک مستويات عالية من الالتزام التنظيمي والإنتاجية . (Cohen&Fry,2009:265 ; Fry et al.,2011:259).
ولقد تم تطوير نظرية القيادة الروحية ضمن نموذج الدوافع الذاتية التى تتضمن الرؤية ، الأمل / الإيمان ، حب الإيثار ، الروحانية فى مجال العمل (Malone,Fry,2003:1) .
بالإضافة إلى ذلک تتضمن القيادة الروحية القيم والاتجاهات والسلوکيات اللازمة لتحفيز الذات والآخرين للحصول على شعور البقاء على قيد الحياة الروحية من خلال دعوة الآخرين ، حيث تجعل للأفراد معنى فى حياتهم وتمدهم بالإحساس بالتمايز والفهــم والتقدير (Fry,Laura2006:132)