وتعتبر الدوافع إحدى فروع علم النفس الرئيسية وفي وقتنا الحاضر ,إذ تمثل الأسس الهامة لعملية التعلم ,وطرق التکيف مع العالم الخارجي, وقد أجمع علماء النفس على أن الدوافع هي محرکات السلوک اليومي.
ويعد الدوافع من أهم الموضوعات في علم النفس والتي حظيت باهتمام بالغ من قبل العلماء والباحثين, إذ ترجع أهميتها إلى تحريک سلوک الفرد وتوجيهه للقيام بالمناشط والممارسات جعلت موضوع الدوافع محل اهتمام المتخصصين وغير المتخصصين ,فمن منا لا يهمه معرفة دوافعه ودوافع غيره واتجاهاتهم ورغباتهم حتى يتسنى لنا فهم الآخرين وقدراتهم ,ولا يمکن فهم ومعرفة سلوک الآخرين إلا إذا فهمنا الدوافع التي تکمن وتقف وتکون سبباً لهذا التوجه وهذا السلوک, باعتبار أن لکل سلوک دافع ,ومن خلال ذلک يمکن أن تزداد قدراتنا على التحکم في السلوک وتوجيهه توجيهاً سليماً.
وتمثل دافعية الإنجاز أحد الجوانب المهمة في منظومة الدوافع الإنسانية , وقد برزت کأحد المعالم المميزة للدراسة والبحث في مجال علم النفس الاجتماعي وعلم نفس الشخصية , وأيضا في مجال التحصيل الدراسي والأداء المعملي في إطار علم النفس التربوي , ولما له من أهمية بالغة في تفهم الکثير من المشکلات التربوية والتعليمية , وبوجه عام قد حظي الدافع للإنجاز باهتمام أکبر بالمقارنة بالدوافع الاجتماعية الأخرى. (عبد اللطيف محمد خليفة ,2000 :15-16)
فدافع الإنجاز من الدوافع الخاصة بالإنسان ,ربما دون غيره من الکائنات الحية الأخرى ,وهو ما يمکن تسميته بالسعي نحو التميز والتفوق. والناس يختلفون في المستوى المقبول لديهم من هذا الدافع , فهناک من يرى ضرورة التصدي للمهام الصعبة والوصول إلى التميز , وهناک أشخاص آخرون يکتفون بأقل قدر من النجاح. وتقاس دافعية الإنجاز عادة باختبارات معينة من أشهرها اختبار تفهم الموضوع ((TAT الذي يتطلب من الناس أن يستجيبوا لثلاثين صورة تحتمل کل منها أکثر من تفسير ,وتحلل إجاباتهم ويستخرج منها مستوى الإنجاز عند المستجيب. کما يمکن قياس دافعية الإنجاز من خلال المواد المکتوبة (کالمقالات والکتب والخطب ) دونما حاجة إلى صور غامضة کما في حالة (TAT). (شادية أحمد التل وآخرون,2004: 218)
فيعد موضوع الدافع للإنجاز من الموضوعات الأساسية التي أهتم بفحصها الباحثون في مجالي علم النفس الاجتماعي وبحوث الشخصية , وکذلک المهتمون بالتحصيل الدراسي والأداء المعملي في إطار علم النفس التربوي , هذا فضلاً عن علم النفس المهني ودراسة دوافع العمل وعوامل النمو الاقتصادي. کما حظي الدافع للإنجاز Achievement motive بأکبر اهتمام بالمقارنة إلى بقية الدوافع الاجتماعية الأخرى. (مايسة النيال وآخرون ,2009 :161 )
ويرجع الاهتمام بدراسة دافع الإنجاز إلى أهميته في العديد من المجالات والميادين التطبيقية والعملية التربوية والأکاديمية , حيث يعد الدافع للإنجاز مهماً في توجيه سلوک الفرد وتنشيطه , وفي إدراکه للمواقف وفهم سلوک الفرد وتفسيره وسلوک المحيطين به , کما يعتبر الدافع للإنجاز مکوناً أساسياً في سعي الفرد تجاه تحقيق ذاته , وتوکيدها , حيث يشعر الفرد بتحقيق ذاته من خلال ما ينجزه , ومما يحقق من أهداف , ومما يسعى إليه من أسلوب حياة أفضل , ومستويات أعظم لوجوده الإنساني. (Franken,Re ,1980: 19)
ولموضوع الدافعية للإنجاز مکان بارز في عدد من فروع علم النفس ومنها علم النفس الاجتماعي وعلم النفس الشخصية , کما يحفل بها المهتمون بالتحصيل الدراسي والأداء المعملي في إطار علم النفس التربوي , وذلک لما له من أهمية بالغة في تفهم کثير من المشکلات التربوية والتعليمية السائدة في مختلف الثقافات , وقد اتسع الاهتمام بالدافع للإنجاز بحيث درس في علاقته بمتغيرات نفسية وإکلينيکية واجتماعية مختلفة کالاتجاهات الشخصية , والمعاملة الو الدية , والتغيرات الانفعالية , وسمات الشخصية , والفروق الثقافية. (مايسة النيال وآخرون , 2009 : 185 )
ويشير نبيه إسماعيل (1986 ) إلى أن الدافع للإنجاز من الدوافع الأساسية التي تکون الشخصية الإنسانية وتحدد ما يکون عليه الفرد من مستوى للطموح الذي يسهم بدوره في تغيير أساليب الحياة ,ويجعلها أکثر تطوراً لمواجهة تحديات العصر ولذا فقد اعتبر علماء علم النفس أن دافع الإنجاز من أهم القوى المحرکة للسلوک الإنساني بما يجعله محوراً أساسياً من محاور البحث في مجال الشخصية وديناميتها. (سعدة أبوشقة ,2007 :3 )