إن العقود ذات الطابع الدولى "العقود الدولية" تثير العديد من مشکلات تنازع القوانين، ويثور التساؤل بشأن القانون واجب التطبيق عليها؟ لأن هذه العلاقة بحکم کونها علاقة دولية تمس أکثر من نظام قانونى، فإنه يترتب على ذلک إمکانية تطبيق أکثر من قانون عليها، حيث يعتبر مبدأ قاعدة قانون الارادة هو المجال الخصب للاختيار التقليدي للقانون الواجب التطبيق على العقد الدولي، حيث يکون في الغالب، هو القانون الذي يختاره أطراف العقد(1).
ويعرف العقد عموماَ من منظور القانون الدولى الخاص بأنه"توافق إرادتين على إحداث أثر قانونى معين، يتمثل فى إلتزام شخص أو أکثر فى مواجهة شخص أخر أو أکثر بإعطاء شئ أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل", والعقد تزداد أهميته فى مجال القانون الدولى الخاص ويتعاظم دوره لا سيما فى القانون الدولى للأفراد فى العقود الدولية، وذلک کونها أداة تسيير التجارة الدولية ووسيلة المبادلات الاقتصادية عبر الحدود(2).
کما أن هذه العقود تتنوع بتنوع موضوعها، فهناک العقود التقليدية کعقد البيع الدولى وعقد النقل وعقد الهبة وعقد العمل وعقد نشر المصنفات الادبية وهو (موضوع الدراسة)، ومع ظهور قوانين الاستثمار والتنمية فى الدول المختلفة ظهرت عقود لها طبيعة إقتصادية وقانونية کعقود التوريد والتجهيز وبناء مصانع جاهزة على التسليم أو جاهزة على الانتاج وغيرها.
وبما أن العقد شريعة المتعاقدين، حيث إستقر هذا المبدأ فى مختلف النظم القانونية، وذلک فى الحدود التى ينشأ فيها وفقاَ للقانون،حيث ترک القانون للأفراد حرية تنظيم عقودهم وتضمينها من الشروط ما يکفل تحقيق مصالحهم، وهو ما يعرف"بمبدأ سلطان الارادة".
کما أن هذا المبدأ مستخدم فى العقود الداخلية يمکن إستخدامه أيضاَ فى العقود الدولية، فإذا کانت العقود تتصل بالنظام القانونى لأکثر من دولة، فلابد أن تخضع فى تکوينها وشروطها وأثارها لقانون معين،على أن تحديد هذا القانون هو من عمل المتعاقدين أنفسهم، فلهم إختيار القانون واجب التطبيق على عقدهم، وهذا هو "مبدأ قانون الارادة" Lex Voluntatis فى العقود الدولية(1).
إن الاعتراف بالارادة فى إختيار القانون الذى يحکم العقد الدولى، له فوائد عملية تساعد على إزدهار التجارة الدولية، فهو يعطى للمتعاقدين الطمأنينة، ومعرفة أى قانون سوف يحکم عقدهم فى المستقبل، وبما أن الحق للأطراف بأن يتولوا إختيار قانونهم على العقد المبرم بينهم، ربما لو وقع الاختيار على قانون أحد الطرفين، فمن الممکن أن يکون هذا القانون لا يتناسب مع الطرف الاخر، فبإرادتهم يستطيعون تنحية مثل هذا الافتراض(2).
وعلى الرغم من أن ما يقدمه قانون الارادة من مکاسب للأطراف، إلا أن هناک إختلاف بين الفقه حول دور الارادة فى إختيار قانون العقد، وأن هذه القاعدة (قانون الارادة) تثير الکثير من التساؤلات فى مجال إعمالها.
وعليه ظهر مذهبان تنازعا فى إعمال قانون الارادة فى مجال العقود الدولية، أحدهما يسمى"بالمذهب أو النظرية الشخصية" والذى جاء لتقديس إرادة الاطراف بوصفها حقاَ طبيعياَ وفطرياَ له، فالفرد وحريته هى الغاية التى وجد من أجلها الجماعة وليس العکس، وهم يرون أن القانون المختار تذوب ذاتيته حتى يصبح شرطاَ من شروط العقد، وبالتالى هم لا يخضعون لقانون معين، لأن إرادتهم تسمو على القانون فإرادة الاطراف حرة طليقة فى إبرام العقد وتحديد شروطه، ويصبح بعد ذلک ملزماَ لأطرافه بوصفه شريعة المتعاقدين.
وبالتالى فإن إختيارهم للقانون هو إختيار مادى لا يقوم على قاعدة من قواعد تنازع القوانين، وإنما يستند إلى مطلق الارادة(1)، وبما أن عقد نشر المصنفات الادبية عقد دولى، فهو لا يخرج من هذه القواعد، فعليه سوف نستعرض هذه النظريات ومدى إنطباقها على نشر المصنفات الادبية.