الحمد لله الذى علم الإنسان مالم يعلم . القائل فى کتابه العزيز : { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } ( العنکبوت :69) , والقائل أيضاً : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقَانًا } ( الأنفال : 29) . والصلاة والسلام على رسول الله القائل : {الإحسان أن تعبد الله کأنک تراه فإن لم تکن تراه فإنه يراک }. وبعد : إن علم التصوف کما يراه کثير من الباحثين يمثل الحياة الروحية في الإسلام , ويجسد حقيقة التدين الصحيح الذى يحرک الإنسان في دائرة الفعل المسئول , فلا حقد , ولا عداء , ولا حسد , ولا بغضاء , ولا تطاول على حقوق المخلوقين , وهو الجسر الذى يعين الإنسان على التعايش مع أخيه الإنسان , ولذلک وضع له أصحابه قواعده وقوانينه ومنهجه وموضوعاته ببداية الإسلام إستنتاجاً من القرآن الکريم وسنة النبي الکريم صلى الله عليه وسلم واستخلاصاً من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه من بعده حيث يرى هؤلاء الصوفية أن الإسلام هو الذى أرسى قواعد هذا العلم , فعلم التصوف ليس غريباً عن الإسلام , وإنما هو من صميم الإسلام وأحد علومه الأصلية.
وعندما نتکلم عن الحياة الروحية في الإسلام فالذي يقصد بهذا العنوان هو إعطاء صورة وافية عن الحياة الروحية لرسول صلى الله عليه وسلم , وکذلک الحياة الروحية لأصحابه من بعده رضى الله عنهم أجمعين حيث کانوا مثلا ً أعلى وقدوة في زهدهم وتقشفهم وعبادتهم , کما رسموا منهج الحياة للمسلم في دينه ودنيا , وربطوا بين الحياة الدنيوية والحياة الآخروية بنظام استقوه من وحي الله قرآناً وسنة وأحاديث قدسية