تعد اللغة عنصراً أساسياً في تحديد هوية أي شعب أو جماعة لغوية, ويشکل الاستخدام اللغوي لهذا الشعب أو تلک الجماعة اللغوية هذه الهوية من الناحية الاجتماعية والثقافية, فاللغة هي الوسيلة الأولي للاتصال والاندماج الاجتماعي, والمعبرة عن الفکر والتنوع الثقافي.
فاللغة "کائن حي يتفاعل مع کل ظواهر الحياة, يتطور بتطورها ويرقي برقيها, فالجانب الاجتماعي للغة هو بحق المرأة الصادقة للحياة, ونموذج به من تناقضات وتطورات سياسية وأمور شتي"
وأول مقتضيات الحياة وبداية أي تواصل لغوي علي المستوي الإنساني هو التحية وعبارات التحية نمط لغوي شائع في کل اللغات واللهجات, ويعبر عن الطوائف الاجتماعية والمهنية والطبقية في لغة من اللغات, کما يؤدي وظيفة مهمة من وظائف اللغة وهي الوظيفة التي تضمن المحافظة علي العلاقات الاجتماعية العادية.
ولما کانت " أولي الوظائف اللغوية أول مظاهر السلوک اللغوي.. هي استعمال اللغة للتحية بأنواعها, ولإظهار التأدب و التلطف, وذلک في المناسبات الاجتماعية المختلفة".
فإن "کفاية الإنسان للحياة تعني القدرة علي أن يتکلم ويکتب ويسمع ويقرأ بطريقة تزيد فرصه وفرص الناس جميعاً ليعيشوا معاُ"
من ثم جاءت فکرة هذا البحث الذي يدرس لغة التحية في الثقافة العربية من خلال رصد عبارتها ومقتضايها کما يقوم تحليل هذه التعبيرات من الناحية اللغوية والدلالة الاجتماعية والثقافية, کما يستنبط مرجعيات هذه اللغة ومصادرها المختلفة. وعلاقتها بالمناسبات العامة والخاصة التي قيلت فيها. وما يصاحبها من علامات سيميولوجية أو لغة أشارية.