إن المسرح ليس مجرد قطعة من الحياة ولکنه قطعة مکثفة منها ، فالمسرح الشعري هو من أنسب الأشکال الأدبية التي تعبر عن الحياة والتي تستوعب الاتجاه الحضاري الذي تتميز به الأمم ، فهذه الدراسة استخدمت الباحثة فيها المنهج (البنيوي التکويني ) منهجًا لتحليل النص الأدبي ؛ لأنه ينظر إلى النص الأدبي کيانًا لغويًا قائمًا بذاته ، ومن ثم ينصب اهتمامًا على تحليل النص من حيث ألفاظه ومجازته وصوره الشعرية، وکذلک المنهج التاريخي نظرًا لعنايته الجادة بالنص کرؤية واقعية ترتبط بالزمن والعصر والبيئة، وتتمثل مشکلة الدراسة في السؤال الرئيس وهو: کيف وظف الکاتب فوزي خضر التراث التاريخي توظيفًا دراميًّا فى مسرحيات شعرية قصيرة جدًا؟.
تکمن أهمية الدراسة في أنها تجمع بين ثلاثة محاور مهمة في الإبداع المسرحي وهي الشعر ،المسرح ،والتراث ،کما تهدف الدراسة إلى الکشف عن مدى الاستفادة من التراث التاريخي في صياغة نص مسرحي يقوم على انتقاء عناصر من التاريخ تصلح لکتابة المسرح الشعري ،معرفة کيف استطاع فوزي خضر أن يعيد تشکيل عناصر التاريخ والتراث ؛ليخرج لنا عملًا مسرحيًّا ،محاولة معرفة الأسباب التي من أجلها استلهم فوزي خضر شخصيات التاريخ والتراث داخل أعماله المسرحية
وکانت من أهم نتائج الدراسة أن الکاتب فوزي خضر استطاع أن يوازي بين الحقائق التاريخية والضرورات الفنية ، حيث عَمِلَ بحرفية واقتدار على جعل النص المسرحي الشعري قصير ، حتى يقلل من الأحداث ولا يستعين بشخوص فنية ، فجاءت الأحداث أقرب إلى الترجمة الحرفية للتاريخ ، بمعنى أن المسرحية تکاد تکون مسرحًا تسجيليًّا من حيث الرؤية التاريخية إلى حدٍ کبير.