لعبت شرکات المطاط الأمريکية منذ انشاءها عام 1850م في البرازيل دورًا کبيرًا على کافة الأصعدة؛ الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، وکانت کل هذه الأدوار منطلقة من مذهب الاستغلال والاستعمار، بغية تطوير اقتصادها، واحتلالها مکانة متقدمة بين دول العالم، وکان هذا ما تحقق لها بالفعل، بفضل حصولها على مطاط البرازيل. وکان قد تمثل الدور الاقتصادي في احتکار انتاج المطاط في البرازيل؛ حيث کانت هذه الشرکات تشتري ثلاثة أرباع انتاج المطاط في البرازيل، بل انفردت وحدها بحق شراء المطاط عالي الجودة، وفي ضوء ذلک عقدت العديد من الاتفاقيات التجارية، التي احتکرت من خلالها شراء سعر رطل المطاط بسعر ثابت على مدار العديد من الأعوام، وفي المضمار نفسه جعلت الشرکات البرازيل السوق الرئيس لها، لتصريف منتجاتها من السلع المطاطية تامة الصنع. أما الدور الاجتماعي؛ فقد برز في استغلال تلک الشرکات لعمال المطاط من سکان البرازيل الأصليين في جمع المطاط لحسابها؛ حيث عاملتهم بأقسى درجات الوحشية، والاستبداد، والاستعباد، مما نتج عنه خلل في الترکيبة السکانية؛ فقد ماتت أعداد کبيرة منهم نتيجة لذلک. أما الدور السياسي؛ فنتيجة لوجود شرکات المطاط الأمريکية في البرازيل، ومدى حاجة واشنطن للمطاط؛ فقد کانت العلاقات السياسية بين الدولتان مختلفة تمامًا عن علاقة أي دولة أخرى من دول أمريکا اللاتينية بالولايات المتحدة؛ فقد کانت البرازيل الدولة الوحيدة التي لم تدخل فيها الولايات المتحدة عسکريًا، بل اتخذت شکلًا آخر من التدخل، تبلور في التدخل الاقتصادي من خلال المعاهدات، والاتفاقيات التجارية، من أجل احتکار انتاج المطاط بها، خاصة فترة الاحداث العالمية التي کان لها أبلغ الأثر على هذه الشرکات هناک.