فهذا بحث يتناول حذف المبتدأ فى الجملة الاسمية المطلقة فى شعر الحارث بن حلزة اليشکرى فى ضوء النحو الدلالى، وإنما لجأ إلى العدول عن الأصل فى إطار ما تجيزه قواعد النحو لمقصدٍ وغرضٍ، فالشاعر فى منطقة الجواز يکون مخيرًا بين عدة استعمالات، ولکنه يفضل استعمالاً على آخر لمقصد ما؛ من ثم يستبعد البحث الاستعمالات الواجبة، وهذا لا ينفى أهميتها في تشکيل الدلالة، وإنما يرجع ذلک إلى أن الشاعر حينئذٍ لا يملک قدرًا من الاختيار، فلا يوجد أمامه إلا اختيار واحد، فهو مُلْزَمٌ به، مُجْبَرٌ عليه. إِنَّ منطقة الوجوب تجعل الشاعر مقيدًا ملزمًا باستعمال محدد، أما منطقة الجواز وما يدخل فيها من ظواهر فإنها تجعل الشاعر حرًّا يمتلک القدرة على اختيار ما يراه يحقق مقاصده وأغراضه، وقد رصد البحث مقولات النحاة فى کل صورة من صور حذف المبتدأ فى الجملة الاسمية المطلقة من خلال التطبيق على نماذج من شعر الحارث بن حلزة، وقد اقتصر البحث على حذف المبتدأ لسببين؛ أولهما: أن ظاهرة حذف المبتدأ ظاهرة ظهورًا واضحًا فى شعر الحارث بن حلزة، وثانيهما: أن حذف المبتدأ من العوارض التى تلحق بناء الجملة، وقد ربط البحث بين النحو والدلالة في التطبيق على شعر الحارث بن حلِّزة؛ لأنهما وجهان لعملة واحدة؛ ولا ينبغي الفصل بينهما.