رکزت معظم الدراسات التي تناولت تاريخ الحروب الصليبية على رصد الظاهرة في إطار يعالج الدوافع التي أفرزتها وأهدافها والظروف التاريخية التي أحاطت بها دون التطرق الي دراسة أفکار ومعتقدات ذلک العصر والتي کان لها أثر کبير في نفوس الصليبين خاصة وأن الحياة الاجتماعية عند الصليبين تميزت بسيادة الروح الدينية المشبعة بالأساطير والخرافات حيث کان الصليبيون يعيشون في عالم مثقلاً بالعناصر الغيبية بفعل سيطرت البابوية والکنيسة علي الحياة الثقافية في أوربا آنذاک .
وتهدف هذه الدراسة الي تسليط الضوء علي ظاهرة القديسون المحاربون ودورها في تاريخ الصليبين فقد کان سائداً في المعتقد الصليبي أن الله موجود بينهم ويحميهم من خلال وسطاء ممثلون في ملائکته وقدسيه وقد آمن الصليبيون بوساطة هؤلاء القديسين في تحقيق النصر علي أعدائهم وهناک من الأمثلة ما يؤکد بوضوح کيف أن هذه الحيلة التي لعبت علي أوتار عاطفة الصليبين الدينية کانت تدفع بهم من اليأس الي الصمود والاستبسال في القتال الأمر الذي استغله قادة الصليبين لإثارة حماس جنودهم في سبيل تحقيق النصر على المسلمين.