لم يکن في مقدور الجزيرة العربية أن تعيش في عزلة إبَّان عصور ما قبل التاريخ؛ ويرجع ذلک إلى موقعها الجغرافي المتميز، إذ کانت على اتصالٍ وثيقٍ بجيرانها المتاخمين لها داخل وخارج الجزيرة العربية.
فقد بدأت الاتصالات الخارجية بين شبه الجزيرة العربية وبين الحضارات المجاورة تتبلور خلال الفترة ما بين 5000 إلى 3000 سنة ق. م، ففي الوقت الذي کانت فيه المنطقة الشرقية قوية الاتصال بحضارة ما بين النهرين (حضارة العُبيد) نجد أن المنطقة الغربية قد أقامت– أيضًا- صلات مبکرة مع وادي النيل، عن طريق البر عبر صحراء سيناء، إضافةً إلى طريق البحر، فضلًا عن علاقات إقليم جنوب غرب شبه الجزيرة العربية مع شرق أفريقيا.

وقد أخذت المعطيات الأثرية تتوافق في فترة العصر الحجري القديم بمرحلتيه الأولدوانية والآشولية بين إقليم جنوب غرب شبه الجزيرة العربية مع ما هو معروف في شرق أفريقيا، حيث وجدت فيها شواهد تدل على انتشار أقدم السلالات البشرية. وهنا يتضح الدور الذي لعبه إقليم جنوب غرب شبه الجزيرة العربية کمعبر لانتقال الجماعات البشرية المبکرة بين شرقي أفريقيا وآسيا.