غني عن البيان أن سؤال الزمان من الأسئلة التي فرضت نفسها بقوة في المشهد الفکري عموما والمشهد الفلسفي خصوصا مند العصور القديمة .کيف لا؟وقد شکل مفهوم الزمان أحد مقولات الوجود الأساسية والتي سردها أرسطو ضمن قائمة المقولات العشر في مؤلفه قاطيغورياس.
کما تظهر الأبحاث تعامل العقل الإنساني مع أبعاد وصيغ الزمان الثلاث حتى قبل سريانها في عالم اللغة وحالات الفعل ,حيث شکل جسم الإنسان في حد ذاته ساعة حياتية يخط عليها الزمان تفاصيل حضوره ومروره من خلال تراسيم الوجه والتغيرات التي تطرأ عليه نتيجة للتقدم في السن و الذي هو في نفس الوقت سريان للزمان ,الأمر الذي جعل الإنسان يشعر بمضي الزمان وتقدم الوقت ,ما دفعه للتطلع نحو أفق السرمدية والبقاء ,وکم هي کثيرة الروايات والأساطير التي تسرد حکاية الإنسان مع الزمان وتطلعه نحو الأبدية .
هي تفاصيل علاقة وجودية حاول هيدغر من جهته تفسيرها من خلال مؤلفه الشهير الکينونة والزمان مبرزا أن«الزمان مکون من أنات يرفع کل منهما الأخر ,وهو تغير مستمر موجود بوصفه غير موجود,وغير موجود بوصفه موجودا»
فالدازين عند هيدغر يقطع الفترة الزمنية الممنوحة له بين حدي الماضي والحاضر متطلعا نحو الإمکانات المتاحة في المستقبل ليعيش بذلک الزمان بأبعاده الثلاث:ماضي ,حاضر ومستقبل
وعليه فإن الدازاين باعتباره واقعا وجوديا ,فهو لايعرف إلا بوصفه حدثا زمنيا .
إن التفسير الوجودي لمفهوم الزمان عند هيدغر يظهر مدى هلامية هذا المفهوم وغموضه ,ومدى ارتباطه بکينونة الإنسان ووجوده الأصيل
وهو ما سنحاول الکشف عنه من خلال بحثنا هذا تحدونا في ذلک عدة أسئلة واستفهامات أهمها:
مادا يعني أن يکون الکائن في الزمان؟ما المقصود بالوجود الزماني؟
ما علاقة الزمان بالدازاين ؟کيف يتحدد الدازاين عبر الزمان؟ثم هل يعي الدازاين هذا الزمان؟وکيف يعيش لحظات وتفاصيل هذا الزمان؟