Subjects
-Abstract
هذا البحث يدور حول فکرة محورية يمکن صياغتها في السؤال الآتي:
کيف يحدث تطور المعرفة الإنسانية في الزمان ؟ هل تطور المعرفة يحدث بصورة تدريجية يبدو فيها تاريخ الفکر وکأنه خيط مستقيم متواصل دون أي انقطاع في الزمان ؟ أم ترينه يحدث في صورة أحداث أشبه بقفزات أو طفرات ثورية مفاجئة تفصل بين ما کان وما سيکون؟
يختلف الفلاسفة فيما بينهم في تصورهم الفلسفي لمسيرة الفکر الإنساني في الزمان بحيث يمکننا التمييز بين ثلاثة اتجاهات رئيسية:
الاتجاه الاول ويرى أن تقدم الفکر الإنساني يتسم بطابع الاستمرارية وعدم التوقف بالرغم مما قد يشوبه من تباطؤ في حرکته المتطورة في بعض العصور أو الفترات الزمنية. لکنه (الفکر) لا يتوقف عن التقدم.
الاتجاه الثاني ويدافع أنصاره عن فکرة التقدم المستمر ولکنهم يرون أن هذا التقدم تعترضه عقبات ابستمولوجية قد تتبلور في صورة وقفة أو قطيعة نسبية متدرجة لا تلبث أن تتواري حتى لا تعرقل مسيرة الفکر اللولبية في تقدمها. ويري أصحاب هذا الاتجاه وهم ممثلو التيار الابستمولوجي العقلاني أن التطور يحدث من جراء التراکمات المعرفية المتواصلة بحيث تأتي لحظة من الزمن يتحول فيها هذا التراکم المعرفي الکمي إلى تغير ثوري بعيد المدي . بيد أن هذا التغير أو التطور يتم من خلال تراکمات متواصلة تأخذ شکلا تراتبيا متدرجا وليس فجائيا. ويمثل هذا الاتجاه الفيلسوف الفرنسي غاستون جيل جرانجيه.
أما الاتجاه الفلسفي الثالث، وهو الاتجاه الذي يمثله الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوکو والعالم الأمريکي توماس کون صاحب کتاب "الثورات العلمية" فيرى أن تطور الفکر يمر بقفزات وطفرات مفاجئة کل منها أشبه بقطيعة معرفية حاسمة تفصل ما سبق عما سيأتي. بل أنها تجب ما قبلها بشکل کلي ونهائي وتکون الحقبة التالية لها بداية جديدة تماما. ووفقا لهذا الاتجاه يکون مشروعا تقسيم الزمن التاريخي إلى أحقاب بالاستناد إلى هذه الأحداث القاطعة والفاصلة.
ويرى فوکو أن لکل عصر تربة فکرية معرفية تتجلى في صورة نظام للفکر، تربة تکون مسئولة عن انتاج کافة المعارف والعلوم خلال هذا العصر. إن هذه التربة أو الأرضية الفکرية هي التى من شأنها أن تجعل العلم ممکنا في حقبة معينة من التاريخ. ويأتي حين من الزمان تتحلل هذه التربة وتتفکک لتحل محلها تربة فکرية جديدة تتکون من جراء وقوع حدث معرفي جلل يعلن القطيعة التامة مع عصر ولى وولادة عصر جديد أو نظام فکري جديد مثلما کان الحال مع الأحداث الفلسفية الکبرى مثل القطيعة الديکارتية مع فکر العصور الوسطي والقطيعة الکوبرنيقية مع فکرة المطلق في القرن السابع عشر.
ولئن کان ميشيل فوکو يدافع دفاعا مستميتا عن فکرة التحقيب الزمني الفلسفي بالاستناد إلى أحداث فکرية جوهرية من شأنها تخليق قطائع معرفية فإن السؤال الجوهري هنا يدور حول الأسس والأسانيد القوية المشروعة التى استند عليها فوکو في تأسيس هذا الاتجاه الرافض لفکرة استمرارية التاريخ (تاريخ الفکر). إن فکرة الزمان عند فوکو تناقض تماما فکرة الديمومة عند برجسون فإذا کانت الديمومة عند هذا الأخير تزيل کل حد فاصل بين موضوعات الوعي بحيث تبدو الأشياء والمشاعر وکأنها سيل مستمرلا ينقطع في نسيج الوعي فإن الزمان عند فوکو لا يسير على وتيرة واحدة وإنما هو صيرورة وتقلب دائم بين عقبات ابستمولوجية وقفزات طفرية حاسمة أشبه بضربات السيف القاطعة.
إن هذا البحث هو محاولة لإلقاء الضوء على إشکالية الزمان والحدث الثوري لدي ميشيل فوکو من خلال ما کتب من مؤلفات في هذا الموضوع وعلى الأخص مؤلفه "الکلمات والأشياء
DOI
10.21608/philos.2019.121765
Authors
MiddleName
-Affiliation
أستاذ اللغويات وفلسفة اللغة بقسم اللغة الفرنسية
کلية الآداب - جامعة حلوان
Email
-City
-Orcid
-Link
https://philos.journals.ekb.eg/article_121765.html
Detail API
https://philos.journals.ekb.eg/service?article_code=121765
Publication Title
سلسلة أبحاث المؤتمر السنوي الدولي" کيف نقرأ الفلسفة"
Publication Link
https://philos.journals.ekb.eg/
MainTitle
إشکالية الزمن والحدث عند ميشيل فوکو