الزمن ضحية للمبالغة في استخدام اللغة . يقول القديس أوغسطين في اعترافاته : « من أجل أن نتحدث عن الزمن نجد لدينا في اللغة عدداً قليلاً من الجمل الدقيقة , ولکن لدينا جملاً أکثر غير دقيقة على الإطلاق » .
فتعدد معاني کلمة (زمن) کما نجد أنها توسعت واتسعت بالتدريج ، بحيث أصبحت تعني العديد من الأشياء المختلفة مثل : التتالي ، التأني ، المدة ، التغير ، الصيرورة ، الإستعجال ، الإنتظار ، الإنهاک ، السرعة ، والشيخوخة ، بالإضافة إلى أنها أحياناً ما تأخذ مدلول المال أو الموت أيضاً .
والزمن هو الزمان وهو اسم لقليل الوقت وکثيره , بالإضافة إلى أنه وسيلة لتحديد ترتيب الأحداث بالنسبة لمعظم الناس .
الجدير بالذکر أن مصطلح الزمن هو الأصعب والأعصى على التعريف ، فالزمن أمر نحس به أو نقيسه أو نقوم بتخمينه ، وهو يختلف باختلاف وجهة النظر التي ننظر بها , بحيث يمکننا الحديث عن زمن نفسي , أو زمن فيزيائي , أو زمن تخيلي .
ومهما يکن من شيء ، فإن الإنسان هو الموجود الزماني (بمعنى الکلمة) وذلک لأن الحيوان لا يحيا إلا في الحاضر المباشر ، دون أن يکون للماضي أي تراث لديه ، وأيضاً ليس للمستقبل أي معنى من حيث الأمل أو الرجاء .
في حين أن الإنسان فحسب هو الموجود الذي يستخرج من الحاضر خير ما فيه ، وينتزع من الماضي أجمل ما انتهى عليه ، وذلک حتى يکون المستقبل الذي يرجوه ويتمناه أفضل من کل من الماضي والحاضر معاً .
فى الکتاب الحادى عشر من اعترافات القديس أوغسطين ، نجده يتأمل في طبيعة الزمان متسائلاً : "ما الزمن إذن ؟ إذا لم يسألنى أحد فأنا أعلم ، وإذا رغبت فى أن اشرحه لسائل ما ، فأنا لا أعلم " إنه لغنى عن التعليق والتعريف بالإضافة إلى صعوبة التفکير فيه .
لافتاً النظر إلى عدم دقة التعبير الشائع فيقول : " معظم الأشياء التى نتحدث عنها بشکل غير دقيق , لا تزال هى الأشياء التى نرغب بشدة فى فهمها ".
ويرى القديس أوغسطين أن الزمان هو صورة الأبدية ، والزمان لا وجود له بوصفه أزلياً أبدياً ، وإنما وجد الزمان کما وجدت الأشياء .
کما أعلن القديس أوغسطين أن هناک حاضر الماضي الذي يستند إلى ملکة التذکّر ، وحاضر الحاضر الذي يرتکز على ملکة الانتباه ، وحاضر المستقبل الذي يقوم على ملکة الأمل أو التوقّع أو الاستباق .