فلقد کثرت دراسات المستشرقين المتّصلة بقضايا القرآن الکريم وعلومه، وانقسم الدارسون المسلمون (وغيرهم) لحرکة الاستشراق إلى اتجاهات، رأى بعضهم فيه مؤامرةً استعماريّة تهدف الى التوسّع والسيطرة الغربية على العالم الإسلامي، ومن ثَم يجب اتخاذ موقف دفاعي إزاء هذه الحرکة دون تمييز، مع اعتراف خجول بقدرها ودورها المعرفي على الصعيد الإسلامي، بل بلغ الامر حدّ اعتقاد مفکّر کبير من امثال مالک بن نبي أن الاستشراق قام بمؤامرته عن طريق تبجيل المسلمين أکثر.
وفريق آخر أفرط في تقديس وتبجيل دراسات المستشرقين حول قضايا القرآن الکريم وعلومه، وکأنهم وصلوا إلى نتاج فکري لم يصل إليه العلماء المسلمون.
وها هو أحد المستشرقين الذين کتبوا في قضايا القرآن الکريم وعلومه وهو المستشرق المجري المعروف أجناس جولدتسيهر (1850 ـ 1921م) ، وجولدتسيهر لم يکن مجرّد عابر على الفکر والتراث الاسلامي، بل کان خبيراً بما يفترض به معرفته على أکثر من صعيد دون أن نأخذ بجامعيّته، فقد کان عارفاً باللغات الترکية والفارسية والعربية، وکان خبيراً بالتراث اليهودي المتشدّد ومعايشاً له في بعض مراحل حياته، کما درس علم مناهج نفسيّة الشعوب (البليونتولوجيا).
لذا فإن جولد تسيهر يعد من أخطر المستشرقين على الإسلام والمسلمين لما يکنه من الحقد والضغينة والبغض للإسلام، محاولا التشکيک في أصول الإسلام وضرب ثوابته.