إن القرآن الکريم أوسع من أن يضيقَ بأبحاث الباحثين ، فعلومه فاقت الحد والعد ، فقد کان ولا زال النص المتفرد في سمو التعبير ، وعمق الدلالة ، وقوة التأثير ،وهو مفجر العلوم ومنبعها ، ودائرة شمسها ومطلعها ،ظل بسحره وعذوبته ، وأحکامه وشريعته ، وبنائه وعباراته معجزة بيانية خالدة باقية على صفحات الدهر ؛ ولذلک کان على مر العصور محط أنظار المسلمين ، وموطن عنايتهم ، فقامت حوله المؤلفات المتعددة ، والمصنفات المتنوعة ، وبذل البلاغيون وعلماء الإعجاز جهودًا في تفسير سر الإعجاز البلاغي ، والکشف عن وجهه ، وبيان مظاهره في القرآن ، فأرجعه جمهورهم إلى نظمه البديع ، وأسلوبه العجيب ؛ لذلک آثرت هذا الاتجاه ، فوقع اختياري على موضوع " التصوير الأسلوبي في آيات النفاق والمنافقين في القرآن الکريم " فأردت دراسة هذه الآيات والبحث عن أسرارها البلاغية ، والکشف عن أوجه من وجوه إعجازها البلاغية ، وتحليل آياتها تحليلًا يبرز أسرارها ، ويجلي عن جمالها ، ويرشد إلى ما تميزت به من الوضوح وحسن التصوير ، وانتقاء الألفاظ ، وإتقان الأسلوب وإحکامه ، وجودة سبکه ، وقوة تأثيره ،وبيان مدى الترابط والمناسبة بيت آياتها ومقاصدها .