إن سيرة الملکة بلقيس ملکة سبأ قد استرعت انتباه کتاب المسرح, فاتخذوها مادة خصبة لمسرحياتهم. فلقد شکلت شخصية بلقيس مصدرا فکريا ودراميا لکثير من کتاب المسرح عبر فترات زمنية متباعدة؛ مما يدل على خصوبتها التاريخية دراميًا, کما أن تناقضتها الإنسانية تُمکن الکتاب من إدارة أنواع متعددة من الصراع ؛ نظرا لارتباط أعمال هؤلاء الکتاب بالمجتمع وتأثر رؤيتهم الفنية بالمتغيرات الاجتماعية والسياسية التي مر بها.
إن أهمية الدراسة تکمن في اکتشاف تأثير شخصية الملکة بلقيس على الأعمال المسرحية المختلفة. وتناول نفس التيمة على فترات متباعدة يعکس المضمون الفکري والفني لکل فترة؛ من خلال إلقاء الضوء على هذه الشخصية بالترکيز على حياتها وعلاقاتها مع الآخرين, وکيفية صعودها إلى المُلک, والأحداث التي استغلها الکتاب ووظفوها ليصنعوا من هذه الشخصية عملا فنيا, وهل جانبهم الصواب أم کانوا على قدر کبير منه.
وبعد أن تناول الباحث بالدراسة والتحليل ثلاثة نصوص مسرحية على اختلاف معالجتها الدرامية لشخصية الملکة بلقيس, أمکن التوصل إلى عدة استنتاجات:
- لم يلتزم الکتاب الثلاثة بالمعنى الحرفي للوقائع التاريخية, بل أطلقوا لخيالهم العنان في إطار تلک الوقائع التاريخية, فالشخصيات التي يقوم عليها البناء الدرامي للمسرحيات تنطلق بذاکرة الوقائع التاريخية الممسرحة بتجسيد الکلمة الرامزة للاستفادة العصرية من درس التاريخ.
- تباينت صورة شخصية الملکة بلقيس في المعالجات الثلاثة, ولقد منح کل کاتب منهم لنفسه حرية التعامل مع هذه الشخصية وتصوير تناقضاتها وصراعاتها الداخلية بين بلقيس الملکة ذات السطوة والقوة, وبلقيس الأنثى ذات العاطفة الجياشه والحب المفرط.