لقد نحا الطب في العصر العباسي الأول منحىً جديدًا، واتخذ منهجًا مغايرًا عما کان عليه من قبل، هو المنهج العلمي التجريبي، سواء في دراسة الطب أو ممارسته. وقد اهتم العباسيون بنشر العلوم الطبية، وبتقديم الرعاية الصحية والطبية للجميع، فشجعوا الأطباء وقربوهم إليهم وبذلوا جهودًا عظيمةً من أجل استقدامهم من مناطق مختلفة، وأدخلوهم في حاشيتهم، واستفادوا من خبراتهم وتجاربهم، وأغدقوا عليهم الأموال وأجزلوا لهم العطايا والمنح، وقلدوهم المناصب العليا، فأصبحت لهم مکانة رفيعة في  الدولة، ولم يقتصر الاهتمام على الخلفاء فقط، بل تابعهم في ذلک الولاة وکبار رجال الدولة؛ فقربوهم، وبذلوا لهم العطايا.  کما أسس العباسيون المستشفيات والمدارس الطبية، ودعوا إلى عقد المؤتمرات والمجالس الطبية التي يجتمع فيها الأطباء من البلاد المختلفة، وشجعوا ترجمة الکتب الطبية وتصنيفها، فأصبحت بغداد آنذاک من أهم مراکز الثقافة الطبية الإسلامية، وغدت الرعاية الصحية والطبية من المظاهر البارزة في العصر العباسي الأول