تأسست مصلحة عموم الجمارک رسميا عام 1282 هـ - 1865م، على يد الخديو إسماعيل، لتتولى تحصيل الرسوم الجمرکية على الصادرات والواردات ، مباشرة لصالح الحکومة المصرية، وفق قواعد خاصة بالمعاهدات المعقودة مع الأستانة، وما يصدر إليها من أوامر خديوية. وقد نجح إسماعيل باشا في توفير الهيکل الإداري اللازم للمصلحة من الموظفين المتخصصين. وکذلک توفير ما يلزم للمصلحة من أدوات وآلات نجحت في ضبط عملها، وتسهيل الإدارة وحرکة البضائع بکافة فروع الجمارک، و قامت المصلحة بتنظيم إدارة العمل بها من خلال سلسلة من الإجراءات الفعالة. فنمت إيراداتها عاما بعد عام، رغم عوامل کثيرة حدت من هذا النمو. وقاومت عمليات التهرب والتهريب الجمرکي وکشف حيل المهربين، وضبط الکثير من السلع المهربة، وتعاملت مع تلک السلع وفق إجراءات رسمية معلنة. کما تصدت لتهرب الشرکات الأجنبية من دفع ما عليها من رسوم. واهتمت کذلک بشئون موظفيها على قاعدة الثواب والعقاب، وفرضت رقابتها على کافة فروعها.
وتتناول الدراسة الراهنة موضوع مصلحة عموم الجمارک المصرية (1865 – 1879م)، من خلال عدة محاور: أولا: تأسيس مصلحة عموم الجمارک، ثانيا: تشکيل مصلحة عموم الجمارک، ثالثا: الدفاتر والأدوات اللازمة لمصلحة عموم الجمارک، رابعا: شئون موظفي مصلحة عموم الجمارک , خامسا: إدارة العمل بمصلحة عموم الجمارک، سادسا: إيرادات مصلحة عموم الجمارک، سابعا: جهود مصلحة عموم الجمارک في مقاومة عمليات التهريب.
وتهدف الدراسة الراهنة إلى الإجابة عن عدد من التساؤلات منها: هل کانت مصلحة الجمارک المصرية مرتبطة بالقوانين السارية في موانئ الدولة العثمانية؟, وما أثر ذلک على مصلحة الجمارک المصرية؟ ومتى تأسست؟ وممن يتکون الهيکل الإداري لها؟, وهل نجح إسماعيل في تجديد الجمارک؟ وزيادة فروعها؟ وتوفير ما يلزم لها من أدوات وآلات؟ , وما أثر ذلک على حرکة البضائع بالجمارک, وعلى نمو إيراداتها؟, وهل نجحت الجمارک في التصدي لحيل المهريين؟, وما أهم الإجراءات التي اتبعتها بشأن السلع المهربة التي تم ضبطها؟, وهل خضعت إيرادات الجمارک للمراجعة والمراقبة؟
واعتمدت الدراسة بدرجة رئيسية على ا لوثائق المصرية المتمثلة في وثائق ديوان المجلس الخصوصي، وديوان الداخلية، وديوان معية سنية، وکذلک ديوان جلالة الملک والديوان الخديوي، ومحافظ مجلس الوزراء ومحافظ أبحاث، ومحافظ الوقائع المصرية، المودعة بدار الوثائق القومية. کما استفاد الباحث ببعض الدوريات وخاصة جريدة الوقائع المصرية وجريدة الجوائب، إلى جانب الاستعانة ببعض المصادر والمراجع العربية والأجنبية المختلفة، والتي أمدت البحث بکثير من المعلومات.