موضوع الصورة الذهنية موضوع قديم، تمتد جذوره إلى البدايات الأولى للإنسان، وقد نوه عنه اليونانيون والعرب في کتاباتهم ومؤلفاتهم التي بنى عليها الباحثون فيما بعد مفاهيمهم للصورة الذهنية، وأدخلوها نطاق الدراسات الإنسانية. فتنوعت التوجهات وکثرت الحقول العلمية المتناولة لها. غير أن السنوات الأخيرة من القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين شهدت تطوراً ملحوظاً في دراسات الصورة الذهنية للأمم والشعوب والمنظمات، واستقطبت اهتمام عدد کبير من الباحثين في مجالات علمية متنوعة کالاجتماع والنفس والسياسة والإعلام، باعتبارها محوراً فکرياً، وموضوعاً حيوياً، في ظل التطور التکنولوجي الذي يشهده العالم في مجال الاتصال والمعلومات. إن الأزمات الدولية والصراعات الإقليمية والحروب والأحداث المثيرة شکلت مادة ثرية لدراسات الصورة من خلال تشکيل الرأي العام حولها، وتقديم انطباعات وتصورات بشأن الأطراف المشترکة فيها، وإضفاء الشرعية على بعض الأطراف، وفي الوقت ذاته تجريد أطراف أخرى من الشرعية، وإبراز قضايا فرعية معينة وتجاهل قضايا أخرى وقد اهتمت الدراسات السياسية والإعلامية بصورة القيادات السياسية في بعض الشعوب، وتأثيرها في صورة الشعب الذي ينتمي اليه من ناحية، وتأثيرها على السلوک الجماهيري إزاء هذه القيادات داخل شعوبها من ناحية ثانية، کما اهتمت الدراسات الإعلامية بدراسة صورة قطاعات المجتمع وقادته المختلفة من خلال ما يقدم من وسائل الاتصال الجماهيرية أو من خلال ما تعبر به الجماهير عن انطباعاتهم إزاء هذه القطاعات.