تُعد القضية الأرمنية فى الدولة العثمانية جزءاً لا يتجزأ من المسّألة الشرقية التى کانت محوراً للعلاقات الأوربية العثمانية خلال القرن التاسع عشر. وخلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، دخلت القضية الأرمنية معترک الصراعات الدولية بين القوى الکبرى. ورغم أن هذه القوى قد دوَّلت القضية الأرمنية فى أعقاب الحرب الروسية العثمانية 1877 -1878م ، فإنها قد أدخلت الرعايا الأرمن العثمانيين فى مواجهة مباشرة مع الباب العالى الذى اعتبر تدويل الأرمن لقضيتهم تدخلاً سافراً فى الشأن الداخلى للدولة العثمانية .
        ويرصد البحث التطور الذى طرأ على الموقف الدولى تجاه القضية الأرمنية إبان منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر لاسيما بين عامىّ 1894 – 1896م ، وهى الفترة التى شهدت مواجهة دامية بين الحکومة العثمانية والأرمن تمخض عنها مذابح جماعية وتهجير قسرى من الولايات الأرمنية العثمانية .
        ويطرح البحث أسئلة جد مهمة من قبيل : هل کان الموقف الدولى لصالح الإنسانية ولصالح الأرمن أم أن ثمة مصالح عليا هى التى حرَّکت القوى الدولية ؟ وهل التدخل الدولى باسم " الدين " خدم القضية الأرمنية أم أضرها ؟ وهل استفاد الأرمن من تدخل القوى الدولية أم خسروا؟ ومَنْ المستفيد والمتضرر من تطورات القضية الأرمنية خلال منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر؟
        وللإجابة على أسئلة البحث، تمت الاستعانة بمادة عکست وجهات النظر الفرنسية والبريطانية والروسية ؛ الثالوث المسيطر على المشهد الدولى آنذاک . وثمة مادة متنوِّعة أظهرت وجهات نظر النظام العثمانى والطائفة الأرمنية. وبذا ، تنوَّعت المادة المستخدمة فى البحث بين وثائق منشورة ودوريات ودراسات وبحوث باللغات الإنجليزية والفرنسية والترکية والعربية .
        ولإنجاز البحث بشکل مترابط ، آثرت الباحثة إلى معالجته عبر المحاور الآتية : القوى الکبرى وتدويل المسألة الأرمنية ، القوى الدولية وتفعيل المادة ( 61 )، المذابح الأرمنية 1894 – 1896م ، القوى الدولية والمذابح الأرمنية ، مصالح القوى الدولية ، حادثة البنک العثمانى والقوى الدولية .