التعليم الجامعي ظاهرة إنسانية رفيعة، تعلو فوق السحاب وفوق التقدير، وقيمتها لا تُقدر بثمن، فالجامعات ليست خزائن کتب، أو أماکن لصب عقول جاهزة، بل هي مراکز فکر وتنوير وإشعاع وتطوير؛ لقيادة المجتمعات، وحل مشکلاتها، والحفاظ على استقرارها وهويتها، فالجامعات في العصور الحديثة من المقومات الرئيسة للدولة العصرية، ومن ثم فإن أي تطوير أو تحديث في المجتمع لابد أن يبدأ أولاً بالجامعة . لذلک فالتعليم الجامعي والعالي له عديد من الأهداف يسعى لتحقيقها من خلال مؤسساته؛ لخدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا، وترقية الفکر، وتقديم العلم، وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، وطرق البحث من خلال نقل المعرفة لطلابها، ونقد تلک المعرفة في ضوء النظريات الحديثة، وفلسفة المجتمع، ثم الإضافة إلى تلک المعرفة، والإعداد لتخصصات مستقبلية تفرضها تطورات العلم، واحتياجات العصر، ومطالب المجتمع المستقبلية (5، ص 203)^(**)، والتطبيع الاجتماعي والثقافي للطالب وفقًا لخصائص مجتمعه ونمطه الثقافي، وإعداد الشخصيات القيادية على کافة الأصعدة، وإعداد الطلاب لمهن تخصصية؛ لربط التعليم الجامعي بسوق العمل، فالإعداد الجيد، والتأهيل الأکاديمي والفني يبث روح الاعتماد على النفس في عقول هؤلاء الطلاب، ويجعل لهم أدوارًا فعَّالة ومباشرة في خطط التنمية وزيادة معدلات الإنتاج (48، ص 73) (21، ص 28) . لکن بالطبع تواجه الجامعات العديد من التحديات أهمها التوجه العالمي نحو مجتمع المعرفة، في ظل المستجدات العلمية والتکنولوجية، والتقدم العلمي المذهل في الحياة المعاصرة، وکذلک المستجدات الاقتصادية وظهور التجارة الإلکترونية (18، ص158)، کل هذا شکَّل أزمة للتعليم في عصر المعرفة؛ بسبب سرعة تقادم المعارف والمعلومات، وضعف مؤسسات صناعة المعرفة، خاصة في ظل ربط المعرفة بالربح المالي         (29، ص58) .
(**) يشير الرقم الأول إلى رقم المرجع بقائمة مراجع البحث، وما بعد حرف (ص) إلى أرقام الصفحات بالمرجع .