يسعى هذا البحث إلى تقديم مقاربة سيميائية حول العتبات النصية لديوان متاهات للشاعر محمد إبراهيم يعقوب، حيث تضمّن الديوان عددا من العتبات النصّيّة -کالغلاف والعنوان والإهداء والعناوين الداخلية.. إلخ – التي شکّلت فضاء موازيا محمّلا بالرموز والدلالات التي أسهمت في توجيه القراءة والتأويل، فجاء هذا البحث کاشفا عن المعاني العميقة التي تدلّ عليها العتبات النصية في ديوان متاهات.
وقد خلصت هذه الدراسة إلى وعي الشاعر بانتقاء العلامات اللغوية والبصرية لعتبات ديوانه، ونجاحه في إغراء المتلقي بالإقبال على ديوانه لفک شفراته واقتحام عالم النص، وقد تمکّن الشاعر من توظيف تلک العتبات، فقد تبيّن للمتلقي من خلال استنطاق تلک العلامات أن المتاهات التي قصدها الشاعر في عنوان ديوانه هي متاهات الشعر والشعراء، کما دلّت متاهاته داخل الديوان على انفتاح الشاعر على الآخر والإقرار بفضله، وکان لتموضع عناوين المتاهات والمقطوعات دلالة على أثر المتاهات في تسامي شعر محمد يعقوب حيث کان شعره امتدادًا لأصوات الشعراء الحداثيين.
کما أسهمت في التعبير عن التجربة الشعرية للشاعر، والتحوّل من شکل القصيدة العمودية ذات الشطرين إلى تجريب شکل جديد من الشعر الحداثي، وهو الومضة، فجاء ديوانه في صورة ومضات شعرية مقفّاة کالشعر العمودي، لکنّها اتخذت شکل الشعر الحرّ في الکتابة المنثورة على الأسطر.