يمثل النقد السياسي اللاذع القائم على المفارقة، والتناص الساخر، والکوميديا السوداء، ملامح بارزة في الفن القصصي عند الکاتب السوري زکريا تامر؛ ذلک أنه کثيرا ما يوظف الشخصيات التراثية في قصصه فينقلها من سياقها المعروف إلى سياق آخر مغاير، يخلقه خلقا جديدا مبتکرا ليخدم هدفه في السخرية من الواقع العربي المعاصر، کما هو الشأن في توظيفه لشخصية «عنترة» و«الشنفرى» و«خالد بن الوليد» و«عبد الله بن المقفع» و«طارق بن زياد» و«کافور الإخشيدي»، و«شخصية السندباد»، و«شهريار وشهرزاد» وغيرها. وتحضر في هذا السياق شخصية »جحا«، تلک الشخصية العربية الفکهة الضاحکة.. يحضر مرتديا ثوبه الساخر في أربعين قصة قصيرة معبرة لاذعة، أطلق عليها زکريا تامر «حکايات جحا الدمشقي»، ضمن مجموعته القصصية «نداء نوح» التي صدرت عام 1994م. وتهدف هذه الورقة البحثية إلى الکشف عن أنماط المفارقة الساخرة وملامح السياق الفکاهي التهکمي الذي خلقه زکريا تامر لشخصية جحا، وطرائق توظيف حکاياته الجديدة، التي صاغها عن طريق المحاکاة الساخرة للحکايات القديمة، بهدف فضح الواقع السياسي العربي المعاصر وتعريته، والکشف عن عبثية الأحوال السائدة، عن طريق الهجاء السياسي اللاذع والکوميديا السوداء.