استَهدَفتْ الوَرقَةُ الرَّاهِنةُ تقديمَ عَرضًا تَحليليًّا للاتِّجاهاتِ النَّظريةِ المُعاصرةِ، والحَديثةِ في علمِ اجتماعِ الجَريمةِ؛ بقَصدِ الوُقُوفِ على التَّطوُّراتِ التي شهدتها الرُؤى، والمَداخلُ النَّظريةُ المُفسِّرَةُ للجريمةِ، والسُّلوکِ الانحرافيِّ، لاسِيَّما في ظلِّ مجتمعٍ معلوماتيٍّ تِقَنيٍّ سريعِ التَّغُّيرِ على کَافَّةِ المستوياتِ والأصعدةِ، واهتمت الورقةُ بالوُقوفِ على فعاليةِ الاتِّجاهاتِ النَّظريةِ في علمِ اجتماعِ الجريمةِ في تفسيرِ السُّلوکِ الإجراميِّ، ورصدِ التَّطوراتِ التي أصابت تلک الاتِّجاهاتِ في ظلِّ تَعقُّدِ السُّلوکِ الإجراميِّ، وتَغيُّرِ أشکالِهِ، ومستوياتِها وتِقنياتِه. هذا فضلاً عن استهدافِ الورقةِ تسليطَ الضَّوءِ على التَّخصصاتِ الحديثةِ التي نَجمَت عن تَلاقي علمِ اجتماعِ الجريمةِ بالدِّراساتِ البَينيةِ الأُخرى، التي أضحت مُهمَّةً في ظِلِّ الثَّورةِ الرَّقميةِ: کالدِّراساتِ الثَّقافيةِ، وعلمِ الجريمةِ الثَّقافيِّ، والمنهجياتِ الأثنوغرافيةِ، والتَّحليلاتِ الشَّبکية، والتَّواصُلِ الرَّقميِّ. هذا، وقد انتَهَجت الورقةُ الأسلوبَ التَّحليليَّ التَّفکيکيَّ في استعراضٍ تفصيليٍّ لاتِّجاهاتِ التَّنظيرِ في علمِ اجتماعِ الجريمةِ، وخلصت الورقةُ إلى عددٍ من النَّتائجِ أبرزُها: أنَّ الاتجاهاتِ النظريةَ التَّقليديةَ المُفسِّرةَ للجريمةِ، والسُّلوکِ الانحرافيِّ اعتمدت على المنهجِ العلميِّ التَّجريبيِّ، وتِقنياتِه، وأساليبِه البحثيةِ المُتنوعةِ والمُتعددةِ، وهو ما أفادَ في تقديمِ أُطروحاتٍ نظريةٍ عميقةٍ؛ لفَهمِ الظَّاهرةِ الإجراميةِ والسُّلوکِ الانحرافيِّ، وأوصت الورقةُ بالحاجةِ إلى تجديدٍ نظريٍّ في علم اجتماعِ الجريمةِ، يتناسبُ مع طبيعةِ التَّحوُّلاتِ التي عاشها، ويعيشُها مجتمعُنَا المعاصرُ، وبما يتناسبُ مع خُصوصيةِ هذه المجتمعاتِ، التي أضحت تعيشُ حياةً بملامحَ، وتفاصيلَ رقميةٍ جديدةٍ، وبما يسمحُ بفتحِ آفاقٍ رَحْبةٍ للدِّراساتِ في علم اجتماعِ الجريمةِ؛ لِلوُلُوجِ إلى العصرِ الرَّقميِّ الجديدِ.