أخذت الحرکة العلمية في الدولة الإسلامية دورها الريادي في حضارات العالم في مرحلة کان العلم مصدر قوتها ودليل تقدمها ولذا بدأ المسلمون مشوارهم الحضاري في العناية بالعلوم کافة. وتأتي العلوم الطبية في صدارة هذه العلوم، فبدأ التلاقي الحضاري مع حضارات الأمم السابقة وبدأت حرکة الترجمة ونقل العلوم کواحدة من الأساليب في البناء الحضاري لدى المسلمين، فکانت الانطلاقة لتأسيس المدرسة الطبية الإسلامية خلال القرون الثلاثة من الثاني وحتى منتصف القرن الخامس الهجري والذي تشکلت فيه أصول وقواعد المدرسة الطبية الإسلامية.
والبحث الذي بين أيدينا يتناول هذه المسألة في دراسة تحليلية وصفية للمنجز العلمي لعلماء المسلمين من خلال الترجمة والتأليف الحر وقيام مناهج النقد العلمي، وظهور المدرسة الطبية ومقرراتها، متناولًا مرحلة البدايات في الجمع بين الترجمة والتعليم الطبي وأشهر الکتبرالمعتمدة في التعليم خلال تلک المرحلة، ثم التأسيس للمدرسة الطبية الإسلامية وروادها من الأطباء الکبار وأبرز مؤلفاتهم التي تشهد على مرحلة التأسيس
وکان الطبيب البارع صاعد بن الحسن صاحب کتاب التشويق الطبي والطبيب أبو الفرج علي بن الحسين ابن هندو صاحب کتاب مفتاح الطب، يمثلان بکتابيهما مرحلة التأصيل للمدرسة الطبية الإسلامية وما خلصا إليه من أساليب وطرق ومناهج تصف الحالة المنهجية للطب الإسلامي. ولعلي من خلال هذا البحث إعادة ترتيب المراحل التي تطورت من خلالها المدرسة الطبية الإسلامية وما تحقق في القرون اللاحقة من منجز طبي أفادت منه البشرية.