أولاً- المقدمة: تعد الثقافة الجنسية من أهم مكونات التنشئة الاجتماعية، والتي عن طريقها تتعلم الفتيات القيم الجنسية والسلوك الاجتماعي المسموح به في إطار ثقافتهن لإشباع الدافع الجنسي، كما تمثل التربية الجنسية أحد أوجه التربية التي تعول عليها المجتمعات في تنوير، وتهذيب النشء وفق القيم والمعتقدات التي يؤمنون بها. وبالتالي فلن يجد المجتمع أفضل من مؤسسات التنشئة الاجتماعية كأرض خصبة لتحقيق أهدافه، ذلك أن التنشئة الاجتماعية هي آلية تستخدم في تنمية سلوك الفرد طبقا لمعايير الجماعة التي ينشأ فيها، ويتم من خلالها شجيع وتقوية بعض الأنماط السلوكية المرغوب فيها والتي تتوافق مع قيم المجتمع وحضارته، ومن بين هذه القيم قيم الثقافة الجنسية، وذلك من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية المتعددة. والأسرة هى الوحدة الأساسية في بناء المجتمع، وهي المؤسسة الكبرى التي تتم فيها عملية التنشئة الاجتماعية، والتي يعول عليها العبء الأكبر في توعية الفتيات بالثقافة الجنسية، خاصة وأن مرحلة المراهقة تعد أشد المراحل في حياة الشباب، وتتطلب تنشئة اجتماعية وتربية جنسية، وهن في أمس الحاجة لتوجيه اجتماعي لفهم ومواجهة المشكلات العاطفية أو الجنسية المحتملة، في ظل ما يعيشونه من بلبلةٍ وتناقضٍ بين ما يسمعن ويرين بخصوص الجنس، والعاطفة، والسلوك الجنسي، بل تتأثر شخصيتهن بالمشكلات الجنسية التي تؤثر على علاقاتهن العاطفية في الحاضر والمستقبل. وانطلاقاً من ذلك أصبحت قضية تنمية الوعي بالثقافة الجنسية لدى الفتيات قضية ضرورية اهتمت بها المملكة العربية السعودية، عبر مؤسساتها الاجتماعية المختلفة، وخاصة الأسرة، في ظل ما طرأ على المجتمع السعودي من تغييرات اجتماعية من حيث مجال الاتصالات فيما بين الأفراد واتساع دائرتها، وخروج المرأة للدراسة ثم العمل، وظهور وسائل الإعلام والفضائيات والتي أصبحت تلعب دورًا كبيرًا في نقل المعلومات، وفي إعطاء نوع من الثقافة الجنسية.