يتصف العالم المعاصر بديناميکية هائلة، وتغير متسارع في جميع نظمه، ومکوناته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، وبقدر ما يزداد هذا التغير؛ يزداد الاهتمام بالمستقبل وتطوراته، ويشتد التساؤل عما تکون عليه صورة الحياة في الغد القريب، والتغير ظاهرة عامة مع اختلاف في الدرجة والشکل، فهو سمة أساسية من سمات المجتمعات المعاصرة مهما کانت درجة نموها وتطورها، والتغير السريع شمل المجتمعات الصناعية المتقدمة، وتلک التي لا تزال تعيش في طور النمو والتخلف. ويأتي المجال التربوي والتعليمي في مقدمة المجالات التي يحدث فيها التغيير على وتيرة متسارعة، سواء کان هذا التغيير في نظم وأساليب الإدارة، أو في العملية التعليمية والتدريسية، أو في أساليب التقويم وباقي مکونات العملية التربوية والتعليمية التي تتعرض للتغيير بصفة دائمة. وبما أن تقدمَ أي مجتمع من المجتمعات وتطورَه مرهونٌ بنجاح نظم التربية والتعليم فيه؛ فقد أصبح يُنظر إلى التربية والتعليم على أنهما من أهم أدوات وطرق التغيير في مختلف مجالات الحياة داخل المجتمعات؛ وهذا يؤدي إلى زيادة الدور الملقى على النظم والمؤسسات التربوية والتعليمية، حيث إن لهما دورًا مهما وکبيرا في قيادة التغييرات التي تحدث في السنوات الأخيرة، حتى يمکن للمجتمع مواکبةُ التطورات الإدارية، والعلمية، والتکنولوجية الحديثة. وقد أکدت الکثيرُ من المؤتمرات الدولية على أن التحدىَ الرئيسي الحالي للتعليم ليس فقط في تقديم التعليم لکل المواطنين، ولکن في تقديمه بجودة عالية. ونظرا لأن جودةَ مخرجاتِ التعليم الجامعي تتوقف على جودة مدخلاته من التعليم قبل الجامعي وعلى ما لدى عناصره ومکوناته من ثقافة الجودة والاعتماد - مفاهيمها ومتطلباتها - ذات العلاقة بالمدرسة الداعمة فلعلَّ البحث الحالي يسهم في نشر ثقافة الجودة والاعتماد في مدارس التعليم قبل الجامعي، وذلک عن طريق بث ونشر مفاهيمِ ثقافة الجودة والدعم، بالترکيز على عينة من تلک المدارس، واقتراحِ آلياتٍ لنشر تلک الثقافة، وتقديمِ بعضِ المقترحات، والتوصياتِ المفيدةِ في هذا الشأن، وذلک بعرض مشروع المدرسة الداعمة بشيءٍ من التفصيل، نطرا لما تلاقيه هذه المدارس