مع مطلع القرن الحالى أصبحت البشرية على عتبات عصر جديد تبدو بعض ملامحه واضحة من خلال الانفجار المعرفى والتقدم العلمى والتکنولوجى السريع، والانفتاح فکرياً وثقافياً واجتماعياً ومعرفياً، إلى أن ظهرت حاجات جديدة لقطاعات بشرية لديها ميل شديد للمعرفة ورغبة عارمة لفهم الکون وکشف المجهول فيه ( وادى، 2013، 359).
وکان للتقدم العلمى والتکنولوجى والنمو الاجتماعى والاقتصادى أثره على النظم البيئية؛ وقد أدت أنشطة الإنسان غير الواعية وسوء إدارته للموارد المتاحة إلى الإخلال بالتوازن البيئى، وعليه شهد العالم المعاصر ظهور العديد من التغيرات والأزمات والکوارث البيئية الممثلة فى التلوث بکافة أنواعه (ماء، هواء، تربة، ..)، ونقص الطاقة، وتعقد الأمر حتى أحدث تغيرات مناخية بالغة الخطورة؛ مما هدد بقاء البشر، وليس ذلک فحسب بل امتد ليهدد سلامة الأرض وتنوع الحياة البيولوجية عليها، کما هدد حقوق الأجيال القادمة؛ وکنتيجة لذلک أولت العديد من الدول والمنظمات العالمية اهتمامها بما يسمى بـ"التنمية المستدامة"، وذلک لمجابهة الخطر البيئى الذى بات يهدد بقاء الحياة على کوکب الأرض.
وتعود فکرة التنمية المستدامة إلى السبعينيات من القرن الماضى، حيث قدم التقرير الأول المنبثق عن نادى روما بعنوان:" حدود النمو" عام 1970، ويعنى فرضية الحدود البيئية للنمو الاقتصادى، محدداً بذلک نقاشات حادة بين النشطاء البيئيين وأنصار النمو، وبعد ذلک أصدر الاتحاد الدولى لحماية الطبيعة تقريراً بعنوان: " الاستراتيجية العالمية للمحافظة على الطبيعة؛ وترتب على ذلک إزالة الفوارق المتناقضة بين البيئة والتنمية، وعُرفت آنذاک باسم " التنمية الملائمة للبيئة"، والتى أقرتها الأمم المتحدة عام 1972، وبموجب ذلک أصبحت التنمية الاقتصادية ملائمة للعدالة الاجتماعية وللحذر البيئى (فتح الله ، 2018، 6).
وبرز مفهوم التنمية المستدامة کأحد المفاهيم الأساسية فى أدبيات التنمية فى الثمانينيات من القرن العشرين، وبدأ يزداد شيوعاً عندما نُشر تقرير براندتلاند Brundtland عن مستقبلنا المشترک Our Common Future عام 1987م، والذى عرف التنمية المستدامة بأنها:" التنمية التى تلبى احتياجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة فى تلبية احتياجاتهم (سعد، 2006، 65 ؛ Atmaca, and others, 2019, p81)، وقد أشار هذا التقرير إلى عدة نقاط؛ أهمها:
- وحدة المصير العالمى على کوکب الأرض، ووحدة المجال الحيوى.