الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المعلم الأوحد والمربى الأفضل أفصح العربي لسانًا, وأکملهم بيانًا الذى أوتي جوامع الکلم وأرسله ربه رحمة للعالمين وبعثة هاديا ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجا منيراً ورضى الله عن صحابته الطيبين الطاهرين وبعد:
لم يکن للنبيr مدرسة مشيدة ولا معهداً للتعليم يجلس فيه إلى أصحابه يحاضرهم بل کانت مجالسه العلمية واسعة عامة شاملة کالغيث ينزل في مکان وينفع الخاص والعام، فهو في الجيش معلم وواعظ، وهو في السفر مرشد وهاد. وهو في البيت يعلم أهله، وهو في المسجد مدرس وخطيب وقاض ومفت ومرب، وهو على کل أحواله مرشد وناضح ومعلم([1]).
لا خلاف بين المشتغلين بالعلوم الإسلامية والعربية على کون القرآن الکريم والسنة لنبوية المطهرة المصدرين الأولين لتلک العلوم مهما تختلف مناهج البحث فيها, ولا خلاف بينهم کذلک على کون القرآن الکريم مصدرًا أوليًا وأساسيًا والسنة مصدراً تالياً للتربية الإسلامية حيث تستقي وتستوحي أصولها وأهدافها من هذين الوحيين الکريمين, والنبعين الصافيين.
ويحتاج المعلم أثناء تدريسه إلى مهارات وقدرات متجددة ليتسنى له توصيل ما يريده إلى المتعلم بفاعلية, ومن هذه المهارات أن يتدرب على أساليب التربية الصحيحة وهي کثيرة ومتعددة, وهذه الأساليب التربوية يحتاجها المعلم في حياته کل حسب الهدف والموقف وطبيعة المتعلم.
وضرب الأمثال أحد أساليب التربية الناجحة يحث المعلم من خلاله النفوس والعقول على الخير وينفرها من الشر, وهو أسلوب استخدمه النبي r في تربية وتعليم أصحابه من خلال أحداث ومواقف متعددة, وهو أسلوب تربوي يؤدي دورًا کبيرًا في التربية والتعليم, لأنه يقرب ويسهل المعاني البعيدة أو الغامضة, وقد استخدمه النبي r في مواطن متعددة, والسنة النبوية زاخرة بالأمثلة الدالة على ذلک.
ويعد أسلوب التربية بضرب الأمثال من أهم الأساليب في عملية التربية وخاصة في التوجيه العقائدي والخلقي, لما له من تأثير إيجابي في المشاعر والعواطف في تحريک مشاعر الخير في النفس البشرية إذا ما استعمل بحکمة ووعي وفي الظروف المناسبة نفسيًا لحالة الفرد الذي يجعله مهيئًا للتأثير بعملية الاستهواء والإيحاء اللتين تتضمنها التشبيهات والأمثلة المضروبة([2]).