Beta
226395

الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية وأثرها على تشجيع الاستثمار « دراسة مقارنة »

Article

Last updated: 26 Dec 2024

Subjects

-

Tags

المقالات التي تخص أفرع القانون

Abstract

المقدمة أجاب الفيلسوف الصيني "کونفوشيوس" «Confucius» تلميذه "زيجونج" «Zigong» قبل أکثر من الفي عام عندما سأله عن الحکومة؛ فأجابه بأنه حتى توجد حکومة يتعين توافر ثلاثة أشياء وهي: السلاح والغذاء والثقة «Weapons, food, and trust»، وإذا کانت الحکومة لن تستطيع توفير تلک الأشياء مجتمعة فعليها بالتخلي أولا عن "السلاح"، ثم بالتخلي ثانيا وبالترتيب عن "الغذاء"، ولکن لا يمکن -مطلقا- للحکومة أن تتخلى عن "الثقة"، بل يجب عليها أن تتمسک بتوفيرها للشعب حتى النهاية، فبدون ثقة لا يمکن لأي حکومة أن تقف على قدميها([1]). ولدينا جميعا توقعات أو "ثقة" فيما يتعلق بسلوک الآخرين في علاقتنا الاجتماعية سواء بمجموعات أو بأفراد، وتستند توقعاتنا «Our expectations» تلک على خبرتنا وضمير هؤلاء الأفراد وما نفترضه في سلوکهم بالمستقبل، وبالمثل تظهر تلک التوقعات في الحياة الاقتصادية «Economic life» للشعب في مواجهة دولته، وأيضا بالنسبة للمستثمر الأجنبي «Foreign investor»  في علاقته بالدولة المضيفة «The host State»، ورغم ذلک لا يزال نطاق الحماية وعناصر تلک التوقعات من المسائل غير واضحة، ونتيجة لذلک تقوم الجهات التي تفصل في منازعات الاستثمار بالاعتماد على الأحکام السابقة التي صدرت في ذلک الشأن دون أن تحاول شرح أساس ونطاق تلک الحماية([2])، ولا يعني الحق في حماية التوقعات المشروعة جمود القواعد القانونية وعدم تعديلها، بل يعني الحق في الانتقال السلس «Droit à une transition en douceur» من حکم قاعدة قانونية إلى أخرى([3]). وفي البداية کان على المستثمر الأجنبي أن يحمي توقعاته المشروعة أو "ثقته المشروعة" بالدولة المضيفة عبر الضغط على سفارته للتواصل مع حکومة تلک الدولة للتخفيف من الآثار السلبية للقواعد والإجراءات التي تم اتخاذها وانتهکت توقعاته المشروعة، ولم تحقق تلک الوسيلة نجاحا کبيرا، ومن ثم لا يمکن الاعتماد عليها؛ فنجاحها يعتمد -إلى حد کبير- على طبيعة العلاقة بين هاتين الدولتين، وتُعد حماية ذات طبيعة سياسية «Political in nature»، ويلاحظ على الدول النامية أنها غنية بالموادر الطبيعية والعمالة رخيصة الأجر والتي تُعد من أهم عناصر جذب الاستثمار، لکنها في ذات الوقت تعاني العديد من أوجه الخلل والقصور في نظام العدالة، لذا بدا أنه من الملائم للمستثمر البحث عن آليات أخرى غير القضاء الوطني بتلک الدول لتحقق له الأمن القانوني، حتى يتخذ قراراه بالاستثمار فيها([4]).  وتهتم معظم الدولة بحماية التوقعات المشروعة «Confiance légitime»، «Legitimate expectation» للأفراد بشکل عام وللمستثمر على نحو خاص، ويُعد من أهم عناصر مبدأ الأمن القانوني «Sécurité juridique»، وهو ما أکده القضاء الدستوري ببعض الدول بالرغم من عدم وجود نص صريح بالدستور على مبدأ "الثقة المشروعة" أو "التوقعات المشروعة"، کالمحکمة الدستورية الفيدرالية الألمانية استنادا للمادة (٢٠) من الدستور، والمحکمة العليا الإسبانية استنادا للمادة (٩) من الدستور، والملاحظ أن هاتين المادتين تناولتا "مبدأ سيادة القانون"، في حين أنکر المجلس الدستوري الفرنسي ذلک المبدأ صراحة في العديد من أحکامه حيث قضى بأنه "لا توجد أي قاعدة دستورية تتضمن ما يُعرف باسم التوقعات المشروعة" «Qu'aucune norme constitutionnelle ne garantit par ailleurs un principe dit " de confiance légitime "»([5])، لکن -ما نميل إليه-  هو إمکانية استنباط ذلک المبدأ من ديباجة دستور الجمهورية الخامسة التي نصت على التمسک بمبادئ إعلان حقوق الإنسان والمواطن ١٧٨٩ بفرنسا، وأيضا من المبادئ التي جاءت في العديد من تعديلات الدستور الأمريکي ١٧٨٧ بالولايات المتحدة الأمريکية، في حين تنص دساتير بعض الدول على حماية التوقعات المشروعة صراحة کالدستور الحالي لدولة جنوب افريقيا في المادة (٢٣) منه. ويتحقق الأمن القانوني عن طريق حماية الأفراد من التغييرات المتکررة والمفاجئة للقواعد القانونية، وهو ما أکده مجلس الدولة الفرنسي في تقريره الصادر سنة ٢٠٠٦ بعنوان الأمن القانوني وتعقد القانون «Sécurité juridique et complexité du droit»([6])، وقد أکد في مقدمته على أن مبدأ الأمن القانوني لا يظهر في القانون الإداري الفرنسي ولا في الدستور، حتى أن البعض يدعي أنه من المبادئ المستترة أوالسرية «Clandestin»، ورغم ذلک فإنه يشتمل على العديد من التطبيقات الأساسية في القانون الفرنسي کالقدرة على التنبؤ بالقانون، ووضوح القاعدة القانونية وسهولة الوصول إليها، واستقرار المراکز القانونية، وهو ما أکدته محکمة العدل الأوروبية والمحکمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وقد کان لذلک کبير الأثر على أحکام القضاء الفرنسي فيما بعد، خاصة فيما يتعلق بالمنازعات التي يکون فيها قانون الجماعة الأوروبية «Droit communautaire» أو قانون الاتحاد الأوروبي هو القانون واجب التطبيق على النزاع. في حين تفضل المحاکم الأمريکية استخدام مصطلح مبدأ الإتساق «The consistency principle» بدلا من التوقع المشروع «Legitimate Expectation»، ويعني التزام جهة الإدارة بالممارسات القانونية والتنفيذية السابقة، ويوفر الحماية الإجرائية والموضوعية للتوقعات المشروعة ، وقد استندت المحکمة العليا الأمريکية في تأسيس تلک الحماية على مبدأ سيادة القانون، وهو ما أکده القضاء الأمريکي بعد ذلک في العديد من أحکامه. کما تأخذ المملکة المتحدة بمبدأ التوقعات المشروعة، ويرى البعض([7]) أن بريطانيا تُعد مهد لذلک المبدأ، ويلجأ القضاء إليه في الحالات التي لا يوجد فيها طريق آخر لتعويض المضرور، وقد نشأ في البداية بالقانون الخاص ثم انتقل إلى مجال القانون العام «Public law»، ورغم ما سبق فإن ذلک المبدأ لم يتم تطبيقه في القانون الإداري إلا حديثا. وقد أکد مجلس الدولة المصري في العديد من أحکامه على حماية الأمن القانوني للأفراد وللمستثمرين على حد سواء، ولکنه لا يعترف بمبدأ حماية التوقعات المشروعة کمبدأ مستقل يمکن للأفراد بوجه عام والمستثمر بوجه خاص أن يطلب إلغاء القرار الإداري استنادا إلى مخالفة جهة الإدارة له، وهو نفس النهج الذي اتبعته الدائرة الإدارية في دولة الکويت، حيث أکدت في العديد من أحکامها على حق الأفراد في الأمن القانوني، ولکنها لم تتبناه کمبدأ مستقل بذاتة. هدف البحث ومضمونه يهدف البحث إلى الإعلاء من مبدأ حماية التوقعات المشروعة للمستثمرين في مجال القانون الإداري، لما له من عظيم الأثر في تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، من خلال خلق بيئة قانونية مستقرة إبان تنفيذ الاستثمار. وعالج الباحث هذا الموضوع من الجانبين النظري والعملي، من خلال عرض الجوانب النظرية لذلک المبدأ في المواثيق الدولية مثل إعلان حقوق الإنسان والمواطن، والنظام الأساسي لمحکمة العدل الدولية، کما بين موقف الدساتير المقارنة من ذلک المبدأ مثل الدستور الألماني، والإسباني، ودستور الولايات المتحدة الأمريکية، ودستور دولة جنوب أفريقيا، بالإضافة إلى بيان موقف الدستور الفرنسي والمصري والکويتي. کما أبرز الباحث الجانب العملي لهذا المبدأ من خلال عرض وقائع عملية لتطبيقه في النظم المقارنة موضوع الدراسة بعرض الاتجاهات القضائية الحديثة للقضاء الإداري المقارن في ذلک الشأن، بالإضافة إلى إبراز دوره في تشجيع الاستثمار والقاء الضوء على الحماية الموضوعية والإجرائية التي يوفرها، مع بيان التحديات التي تواجه القضاء في کل من مصر والکويت لتبني ذلک المبدأ في مجال الاستثمار وسبل مواجهتها. أهمية موضوع الدراسة تتمثل أهمية الدراسة في اهتمامها بالناحيتين العملية والعلمية، وتتمثل الأهمية العملية في أنها تقدم للقائمين على العملية التشريعية -بالدول التي لم تتبن مبدأ حماية التوقعات المشروعة کمبدأ مستقل بعد- کيفية تنظيمه تشريعا والضوابط المقترحة في هذا الشأن، کما تقدم تلک الدراسة لجهة الإدارة والقضاء الإداري والدستوري کيفية مواجهة التحديات التي ستلوح لهم عند إقرار ذلک المبدأ قبل تنظيمه تشريعيا، وتتمثل الأهمية العلمية في بيان أهميته في مجال الاستثمار، أساسه في الدستور والمواثيق الدولية، والشروط الواجب توافرها للتمسک بتلک الحماية.
([1]) Kam-por Yu, Julia Tao, Philip J. Ivanhoe, Taking Confucian Ethics Seriously: Contemporary Theories and Applications, SUNY Press, New York, 2010, p.99 ([2]) Marcin Kałduński, Some Remarks on the Protection of Legitimate Expectations in International Investment Law. Comparative Law Review, [S.l.], v. 25, dec. 2019, p. 215-216 ([3]) Sylvia Brunet, La conception originelle de la sécurité juridique: l'Allemagne, Titre VII, vol. 5, no. 2, 2020, p.89 ([4]) Abhijit P.G. Pandya, Interpretations and Coherence of the Fair and Equitable Treatment Standard in Investment Treaty Arbitration, Ph.D. Law, London School of Economics, 2011, p.20 ([5]) C. C., 96-385 DC, 30 décembre 1996, Loi de finances pour 1997 C. C.,97-391 DC , 07 novembre 1997, Loi portant mesures urgentes à caractère fiscal et financier ([6]) Conseil d'État, Sécurité juridique et complexité du droit, Rapport public 2006, Études et documents, La Documentation française, Paris, 2006, p.229 «La Cour de justice des Communautés européennes et la Cour européenne des droits de l'homme ont, pour leur part, consacré un principe de sécurité juridique. Leur jurisprudence exerce une influence sur les décisions des juridictions françaises, notamment pour les litiges concernant l'application du droit communautaire. » ([7]) Jayanta Chakraborty, Doctrine of Legitimate Expectation - A Comparative Study of UK, USA & India, Indian Journal of Law & Public Policy, vol. 5, no. 1, Winter 2018, pp. 23-24

DOI

10.21608/mle.2021.226395

Authors

First Name

يحيى محمد مرسي

Last Name

النمر

MiddleName

-

Affiliation

قسم القانون العام کلية الحقوق – جامعة القاهرة

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

94

Article Issue

2

Related Issue

32481

Issue Date

2021-12-01

Receive Date

2021-04-01

Publish Date

2021-12-01

Page Start

231

Page End

452

Print ISSN

0304-2324

Online ISSN

2735-4083

Link

https://mle.journals.ekb.eg/article_226395.html

Detail API

https://mle.journals.ekb.eg/service?article_code=226395

Order

2

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,481

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة القانون والاقتصاد

Publication Link

https://mle.journals.ekb.eg/

MainTitle

الحماية القضائية لمبدأ التوقع المشروع في المنازعات الإدارية وأثرها على تشجيع الاستثمار « دراسة مقارنة »

Details

Type

Article

Created At

23 Jan 2023