Beta
226343

الإخـــلال المـــبرر لفســــخ عقد البيع الدولى للبضائع فى ضوء أحکام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980)

Article

Last updated: 26 Dec 2024

Subjects

-

Tags

المقالات التي تخص أفرع القانون

Abstract

مقدمة:-  إن تنمية التجارة الدولية على أساس من المساواة والمنفعة المتبادلة، يعد عنصراً هاماً فى تعزيز علاقات السلم بين الدول. لذا اتجهت جهود المجتمع الدولى إلى تعزيز وتنمية التجارة الدولية، وإزالة ما يعوق تدفقها وانسيابها بين الدول من عقبات، ومن أهمها العقبات والحواجز القانونية.  ويشکل عقد البيع الاداة القانونية والدعامة الأساسية للتجارة الدولية، وأهم موضوعات القانون التجارى الدولى على الاطلاق؛ وعليه فقد اتجهت الجهود إلى توحيد أحکام البيع الدولى للبضائع، بهدف إيجاد نظام قانونى موحد يسهم بدوره فى تعزيز التبادل التجارى والتنمية الاقتصادية على الصعيدين الداخلى والدولى، وذلک من خلال توحيد قواعد القانون الدولى الخاص (قواعد التنازع)، أو من خلال توحيد القواعد الموضوعية المنظمة لعقود البيع الدولى للبضائع.  وتأتى فى مقدمة الجهود المبذولة لتوحيد القواعد الموضوعية لعقد البيع الدولى للبضائع اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980)، التى قامت بإعدادها لجنة الامم المتحدة للقانون التجارى الدولى (الأونسيترال)، واعتمدها مؤتمر دبلوماسى عقد فى 11 أبريل 1980[1].  ويتمثل الغرض الرئيسى من الاتفاقية فى إيجاد نظام قانونى موحد بشأن عقود البيع الدولى للبضائع، وهو ما من شأنه أن يسهم فى إضفاء اليقين ودعم الثقة فى عمليات التبادل التجارى؛ حيث أن تباين الاحکام الموضوعية وقواعد التنازع التى تتضمنها التشريعات الوطنية قد يؤدى إلى أنه قد يجهل أطراف العقد بالقواعد القانونية الخاضع لها معاملاتهم، وهو ما قد يعرضهم – إذا ما نشب نزاع فيما بينهم- لمفاجات تنجم عن تطبيق قواعد تنازع القوانين المختلفة، وذلک نتيجة لتباين القواعد الموضوعية التى تضعها التشريعات الوطنية فى تنظيمها للمعاملات التجارية الدولية وإختلافها.[2]  ويتمثل الدليل على نجاح الاونسيترال فى اعداد اتفاقية دولية تحظى بقبول أوسع نطاقاً بلا شک من اتفاقيتى لاهاى 1964؛ أن الدول التى صدقت على الاتفاقية عند دخولها حيز النفاذ فى يناير 1988 قد تضمنت دولاً من مناطق جغرافية مختلفة ومراحل نمو إقتصادى متفاوتة ومن کل نظام قانونى واقتصادى رئيسى. وهذه الدول هى: الأرجنتين، إيطاليا، سوريا، زامبيا، الصين، فرنسا، ليسوتو، مصر، هنغاريا، الولايات المتحدة، يوغوسلافيا[3]. ومن الجدير بالذکر إنه بحلول 2014 أصبح هناک 82 دولة طرفاً فى الاتفاقية.  وتنقسم الاتفاقية إلى اربعة أجزاء، يتناول الجزء الأول نطاق تطبيق الاتفاقية والأحکام العامة، أما الجزء الثانى فإنه يتعلق بتکوين العقد وقد اقتصر تنظيمه للمسائل الخاصة بالتکوين على الاحکام المتعلقة بالإيجاب والقبول فقط، والجزء الثالث ينظم الآثار المترتبة على عقد البيع الدولى للبضائع، أما الجزء الرابع يتضمن الأحکام الختامية.  ولقد استبعد المشرع التجارى المصرى من نطاق تطبيق أحکام عقد بيع البضائع البيوع التجارية الدولية، حيث أخضعها للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيوع الدولية والنافذة فى جمهورية مصر العربية، ومنها اتفاقية فينا1980. حيث تنص المادة (88) من قانون التجارة المصرى رقم 17 لسنة 1999 على أنه".....تسرى على البيوع التجارية الدولية أحکام الاتفاقيات الدولية بشأن هذة البيوع والنافذة فى مصر، وکذلک الأعراف السائدة فى التجارة الدولية والتفسيرات التى أعدتها المنظمات الدولية للمصطلحات المستعملة فى تلک التجارة، إذا احال إليها العقد ".  وتقوم فلسفة الاتفاقية على عدد من المبادئ، ومما يجدر الاشارة إليه بداءة أن لهذة المبادئ صفة مکملة لقواعد الاتفاقية؛ حيث تنص المادة (7/2) على إنه ".... المسائل التى تتعلق بالموضوعات التى تتناولها هذة الاتفاقية والتى لم تحسمها نصوصها، يتم تنظيمها وفقاً للمبادئ العامة التى أخذت بها الإتفاقية، وفى حالة عدم وجود هذة المبادئ تسرى أحکام القانون الواجب التطبيق وفقاً لقواعد القانون الدولى الخاص"[4].  ويعنينا من هذه المبادىء التى تقوم عليها الاتفاقية فى مجال بحثنا هذا، مبدأى الإقتصاد فى فسخ العقد، ومبدأ المبادرة إلى إزالة المراکز القلقة- رغم ظاهر التعارض بين المبدأين - وکيف أمکن للاتفاقية التوفيق بينهما بتناغم خلق توازناً بين حقوق طرفى عقد البيع الدولى للبضائع.  إن مبدأ الإقتصاد فى الفسخ هو أحد أهم المبادئ التى تقوم عليها فلسفة الاتفاقية؛ حيث أن الغرض الأساسى للاتفاقية هو دعم حرکة التجارة الدولية عن طريق إزالة العقبات القانونية التى تعترضها، وهو ما أقتضى أن تحرص الاتفاقية على الإبقاء على العقد ما أمکن، ولو مع إخلال يمکن أن يتم جبره بالتعويض. ولذا، نجد أن الاتفاقية وضعت العديد من القيود للحد من اللجوء للفسخ وقدمت کذلک حلول وخيارات لتدارک الرأب الذى يعترى تنفيذ العقد لتوقى الفسخ ما أمکن ذلک. ومن ذلک إحاطة الفسخ بشروط ثقيلة تحد من اللجوء إليه، وإتاحة الفرص لإصلاح العقد حتى بعد وقوع المخالفة من خلال خيارات عدة.  ومن جهة آخرى، نجد أن الاتفاقية لدعم الثقة فى التجارة الدولية، توفر العديد من الوسائل التى تساعد الطرف الذى يساوره شکوک حول قدرة الطرف الآخر على تنفيذ إلتزاماته، أياً کان مرد تلک الشکوک – ظروف عامة أو خاصة – على الخروج من هذا المأزق، وذلک عن طريق طلب ضمانات أضافية أو وقف التنفيذ أو فسخ العقد أستناداً التى تلک الشکوک وهو ما يعرف بمبدأ المبادرة إلى إزالة المراکز القلقة، وهو أيضاً من أهم المبادئ التى تقوم عليها الاتفاقية.  ويتضح من هنا أهمية موضوع الدراسة وتتحدد دوافع الاختيار؛ فنظراً لخطورة الفسخ فى عقود البيع الدولية، لما له من آثار وعواقب وخيمة تنال ليس فقط اطراف العقد بل يتضرر منها حرکة التجارة الدولية ککل؛ حيث أن إختيار الفسخ کجزاء للإخلال يترتب عليه تدمير العقد وزلزلة المراکز التى أنشاءها بإعادة المتعاقدين إلى وضعهما قبل التعاقد، ويعظم هذا الأثر کلما تراخى وقوع الفسخ إلى وقت يکون فيه المتعاقدان قد قطعا شوطاً بعيداً فى تنفيذه، ولا يخفى ما يصحب هذا کله من نفقات ومشقات ولا سيما فى مجال التجارة الدولية[5]، وذلک فضلاً عن تأثيره على ما ارتبط بعقد البيع الدولى من عقود أخرى کعقود التأمين والنقل...إلخ. وبناءاً على ذلک نجد أن الاتفاقية قد احاطت الفسخ بشروط ثقيلة للحد من استعماله، وجعلت من بلوغ المخالفة حداً من الجسامة شرطاً للجوء إليه، وذلک أعمالاً لمبدأ الاقتصاد فى فسخ العقد.  وتقرر الاتفاقية فى المقابل أعمالاً لمبدأ المبادرة إلى ازالة المراکز القلقة، إستثناء على القاعدة العامة التى مقتضاها أن الفسخ هو أحد الجزاءات التى تترتب عند الاخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد[6]، يتعلق بالفرض الذى يتبين فيه قبل حلول ميعاد تنفيذ الالتزام عدم قدرة أحد الاطراف على تنفيذ التزامه، حيث واجهت الاتفاقية هذا الفرض بغرض مساعدة الطرف الآخر الذى أصبحت تساوره الشکوک حول مصير العقد، وأتاحت له سبيلين للخروج من هذا الوضع وهما وقف التنفيذ أو الفسخ المبتسر، واحاطت ذلک إيضاً بشروط ثقيلة تحد من استعماله.  وننوه بداءة أنه مع ضرورة الاخذ فى الإعتبار، أنه على الرغم من أن ماهية الفسخ تتفاوت بحسب النظام القانونى الذى تخضع له إلا أن اتفاقية فينا قد اعتنقت نظام للفسخ يتلائم إلى حد کبير مع أغلبها، وإن کان يقترب کثيراً من نظرية الفسخ فى القانون الألمانى التى تتمثل فى إعلان الفسخ بالارادة المنفردة من جانب الدائن؛ حيث أنه وفقاً للاتفاقية إذا قرر أحد المتعاقدين استعمال الحق فى الفسخ – متى توافرت شروطه – لا يشترط أن يطلب الفسخ من القضاء، وإنما عليه أن يعلن الفسخ ويخطر الطرف الآخر بذلک، ويحق للاخير فى المقابل -إذا کان له اعتراض على الفسخ- مقاضاة الطرف الآخر للحصول على حکم بإلغاء الفسخ [7].  لذا نتناول بالبحث والتحليل الاخلال المبرر لفسخ عقد البيع الدولى للبضائع فى ضوء أحکام اتفاقية الامم المتحدة بشأن البيع الدولى للبضائع ( فينا 1980) ؛ وذلک بغية تحديد مفهوم الاخلال المؤدى للفسخ، وتَبين کيف أمکن للاتفاقية من خلال تحديد أطر الاخلال ببلوغ المخالفة -سواء کانت اصلية أو مکتسبة أو متوقعة- درجة من الجسامة والخطورة التوفيق بين أثنين من المبادئ التى تقوم عليها رغم ما قد يبدو من ظاهر التعارض، وهما مبدأى الاقتصاد فى فسخ العقد والمبادرة إلى إزالة المراکز القلقة، وهو الأمر الذى شَکل بدوره رکيزة أساسية لتحقيق التوازن بين طرفى العقد. وکذلک التعرف على کيفية توقى الفسخ کلياً أو جزئياً عند حدوث الاخلال أو توقعه. وذلک من خلال المباحث التالية: المبحث الاول: مفهوم المخالفة الجوهرية. المبحث الثانى: الفسخ المرتبط بوقوع مخالفة جوهرية أصلية. المبحث الثالث: الفسخ الغير مرتبط بوقوع مخالفة جوهرية أصلية. المبحث الرابع: حالات الفسخ الجزئى.  
[1]- بدأ ت جهود المجتمع الدولى لإيجاد قواعد موحدة تنظم البيع الدولى للبضائع سنة 1930 بمبادرة من المعهد الدولى لتوحيد القانون الخاص فى روما، وبعد تَوقف العمل نتيجة لاندلاع الحرب العالمية الثانية قُدم مشروع إلى مؤتمر دبلوماسى عُقد فى لاهاى سنة 1964، واعتمد المؤتمر اتفاقيتين، الاولى بشأن البيع الدولى للبضائع، والثانية بشأن تکوين عقود البيع الدولى للبضائع. ومن الجدير بالذکر إنه کان هناک نقد واسع الانتشار لتلک الاتفاقيتين مرده، أولاً: أن الاتفاقيتين تعکسان بشکل رئيسى الاعراف القانونية والواقع الإقتصادى لدول اوربا الغربية. ولعل ذلک يجد ما يفسره فى أن المؤتمر الدولى الذى أقرت به لم يکن الحضور فيه على المستوى العالمى المأمول، حيث أقتصر على 25 دولة أغلبها من دول اوربا الغربية ودون تمثيل للدول ذات الشأن فى التجارة الدولية آنذاک کالاتحاد السوفيتى والهند والصين وکل دول أمريکا اللاتينية تقريباً. وثانياً: أن المؤتمر عُقد فى وقت خرجت فيه بعض الدول حديثاً من وطأة الإستعمار، ولم تکن قد ساهمت فى اعداد الاتفاقية، بل أن البعض منها قد صار بعد ذلک من کبريات الدول التجارية، فأصبحت تلک الدول تطالب باتفاقية دولية جديدة تضطلع بدور فى اعدادها. ونتيجة لذلک کان من أولى المهام التى اضطلعت بها الاونسيترال فور أنشاؤها سنة 1968، استطلاع أراء الدول بشأن اتفاقيتى لاهاى 1964، وعلى ضوء ذلک قررت الأونسترال اعداد اتفاقية جديدة. See: Peter Schlechtriem & Petra Butler, UN Law on International Sales, The UN Convention on the International Sale of Goods, Springer, 2009, No.1, P.1. [2]- د/ حسام عبد الغنى الصغير، تفسير اتفاقية الأمم المتحدة بشان عقود البيع الدولى للبضائع، دار النهضة العربية، 2001، ص 1. [3]- راجع: المذکرة التفسيرية التى أعدتها أمانة الاونسيترال حول اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع. منشور إلکترونياً: www.uncitral.org And see: Cristiana Fountoulakis, remedies for breach of contract under the united nations convention on the international sale of goods, ERA Forum (2011) 12, 7–23, P.7,No.1. https://doi.org. [4] - Peter Schlechtriem & Petra Butler, Op.Cit.,No.1.9.3,P.50. [5]- د/ محسن شفيق، اتفاقية الأمم المتحدة بشأن البيع الدولى للبضائع، دار النهضة العربية، بدون سنة نشر، بند 239،ص 170. [6]- الفسخ وفقاً للقواعد العامة هو " حل الرابطة التعاقدية بسبب اخلال أحد المتعاقدين فى تنفيذ إلتزاماته. ويجوز أن يتم الفسخ أما بحکم القضاء، أو بالاتفاق بناء على شرط فاسخ اقترن بالعقد، أو بحکم القانون وذلک إذا استحال على أحد المتعاقدين أو کليهما تنفيذ الإلتزام الذى تقرر بموجب العقد بسبب اجنبى لا دخل لهما فيه". د/سيف الدين محمد محمود البلعاوى، جزاء عدم التنفيذ فى العقود الملزمة للجانبين (الفسخ)، دراسة فى القانون المدنى المصرى مع المقارنة، رسالة دکتوراة، حقوق القاهرة، 1982، بند 14، ص 15. [7] - Cristiana Fountoulakis, Op.Cit.,No.3.3,P.11.  

DOI

10.21608/mle.2021.226343

Authors

First Name

رشا مصطفى

Last Name

أبوالغيط

MiddleName

-

Affiliation

الأکاديمية العربية للعلوم والتکنولوجيا والنقل البحرى

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

94

Article Issue

1

Related Issue

32474

Issue Date

2021-07-01

Receive Date

2021-01-01

Publish Date

2021-07-01

Page Start

261

Page End

356

Print ISSN

0304-2324

Online ISSN

2735-4083

Link

https://mle.journals.ekb.eg/article_226343.html

Detail API

https://mle.journals.ekb.eg/service?article_code=226343

Order

4

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,481

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة القانون والاقتصاد

Publication Link

https://mle.journals.ekb.eg/

MainTitle

الإخـــلال المـــبرر لفســــخ عقد البيع الدولى للبضائع فى ضوء أحکام اتفاقية الامم المتحدة بشأن عقود البيع الدولى للبضائع (فينا 1980)

Details

Type

Article

Created At

23 Jan 2023