Beta
226329

محاولات للتخفيف من نطاق البطلان

Article

Last updated: 26 Dec 2024

Subjects

-

Tags

المقالات التي تخص أفرع القانون

Abstract

مقدمة 1- تعريف بموضوع البحث: القاعدة الأساسية في الإجراءات الجنائية، أنها لا تهدف أو تتجه إلى محاولة إلصاق التهمة بالمتهم، وتقرير عقابه، وإنما تهدف - أيضا - إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من أن تمس، وکفالة أکبر قدر من حقوق الدفاع، بحيث لا يکون هنالک مجال للزج ببريء في أتون الاتهام، وأن يکون للمتهم الوسائل الکافية، لدحض التهم الموجهة إليه. فالإجراء الجنائي يحمل بين طياته هدفين؛ ويتمثل الهدف الأول في حماية المصلحة العامة، وکفالة أکبر فاعلية للإجراء الجنائي في مواجهة الخارجين على نصوص قانون العقوبات، والمهددين - بالتالي - للقيم الأساسية التي ينهض عليها بنيان المجتمع. أما الهدف الثاني - وهو ما يعد في الحقيقة مصلحةً عامةً أيضًا - يتمثل في ضمان حماية فاعلة لحقوق الأفراد من أن يمس بها، عند اتخاذ الإجراء الجنائي. وهو ما يمکن ترجمته بالقول، بأن الإجراء الجنائي، يحمل غرضًا نفعيًا، وهو کفالة فاعلية جهود الدولة في مواجهة الجريمة، وغرضًا معنويًا، وهو حماية حقوق الأفراد وحرياتهم، حتى في الحالات التي يوجه إليهم فيها الاتهام، احترامًا لقاعدة الأصل في الإنسان البراءة، التي تظل مصاحبة للشخص إلى أن يصدر حکم بات في الدعوى الجنائية([1]). والارتباط وثيق بين هذين الهدفين أو المحورين؛ فالحقيقة، أن کلًا منهما يعد مفترضًا للآخر؛ إذ لا محل للحديث عن الحقوق والحريات بصفة عامة، دون ضمان العيش في سکينة وأمن وأمان، وهو ما يکفله المحور النفعي، ولا محل للحديث عن هذه السکينة، وهذا الأمن والأمان، إذا کان هناک انتهاک للحقوق والحريات، أو إذا انتفى المحور المعنوي للإجراء الجنائي. ولعل الضمانات الخاصة التي قررها المشرع المصري في قانون الإجراءات الجنائية، لتفتيش غير المتهم أو تفتيش منزل غير منزله، ومراقبة المراسلات والاتصالات السلکية واللاسلکية، على سبيل المثال، تنطلق من هذا الارتباط أو هذه الموازنة([2]). والحکم على قانون الإجراءات الجنائية لدولة ما، إنما يکون من خلال احترامه لهذا التوازن بين المحورين السابقين، عن طريق الموازنة وکفالة التناغم بينهما. وغني عن البيان، أنه من أهم الوسائل التي تکفل هذا التوازن، إنما تتمثل في تطبيق جزاء إجرائي، وهو البطلان، على کل حالة، لا يتم فيها احترام القاعدة الإجرائية، التي قررها المشرع. فالقاضي الذي لا يملک الوسائل التي عن طريقها يستبعد أعمال الاستدلال أو التحقيق الباطلة، يشجع رجال الشرطة على انتهاک هذه القواعد، ويحول دون الحديث عن محاکمة عادلة ومنصفة([3]). بل إنه لا يمکن إجبار الأفراد العاديين على احترام القانون، إذا سمح لرجال الشرطة، بالحرية الکاملة في جمع المعلومات، سواء بطريقة مشروعة أو غير مشروعة، أو سمح باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق الابتدائي، دون احترام الضوابط التي نص عليها المشرع الإجرائي، لتحقيق التوازن المشار إليه؛ فعدم وجود مثل هذا الجزاء، يقود من الناحية العملية إلى تقويض النظام الإجرائي، وإضعاف قيمة قانون الإجراءات الجنائية. ولکن إذا کان جزاء البطلان لازمًا لمنع الجور على الحقوق والحريات الفردية، فإن هذا لا يجوز أن يکون على حساب المحور الآخر، وهو ضمان فاعلية الإجراء الجنائي في مکافحة الجريمة، خاصةً في العصر الحالي، الذي بدأت تأخذ فيه أبعادًا جديدة من حيث الکم والکيف. مع الوضع في الاعتبار، أن هناک بعض الأصوات التي تتفاوت في قوتها بين التلميح والتصريح، بأن هناک فقدانًا لفاعلية الإجراءات الجنائية، بسبب سياسة الضمانات الإجرائية المبالغ فيها([4]). ومن ناحية أخرى، "أن هناک اتهامًا بالمساس بحقوق الدفاع، في کل محاولة لتحرير الدعوى الجنائية من بعض قوالبها الشکلية، التي اصطلح منذ زمن طويل على اعتبارها ضمانًا للعدالة الجنائية، على الرغم من فرق اللحظة والظرف"([5]). ومن هنا، کان من اللازم، أن يتم تبني نظام للبطلان، على نحو يکفل تحقيق هذين المحورين السابقين، ويحقق التوازن بينهما؛ فهل يؤخذ بنظام البطلان الشکلي؛ الذي يستوجب إقرار البطلان على کل حالة تتم فيها مخالفة ما استلزمه المشرع، أم يؤخذ بنظام البطلان النصي أو القاعدي؛ الذي يوجب البطلان عندما يقرر المشرع ذلک، أم يتم التفرقة تبعًا لأهمية الإجراء الذي تمت مخالفته، بحيث يتم تقرير البطلان في حالة مخالفة إجراء جوهري فقط، أم يؤخذ بنظام مختلط. وفي کل الأحوال، هل يجب التلطيف والتخفيف دومًا من حالات البطلان؟ أم تطبق القواعد التي قررها المشرع بطريقة جامدة؟ لذلک وجب معرفة نظم البطلان المختلفة، وبيان دورها في تحقيق التوازن السابق الإشارة إليه، وبيان الحالات التشريعية والقضائية، التي من خلالها يتم التلطيف من حالات البطلان وآثاره.
([1]) تنص المادة 96 من الدستور المصري لعام 2014 على أن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاکمة قانونية عادلة، تکفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحکام الصادرة في الجنايات، وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقا للقانون". ([2]) انظر المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المصري. ([3]) د. عبد الفتاح الصيفي، النظرية العامة للقاعدة الإجرائية الجنائية، بيروت، دار البحيري إخوان للطباعة والنشر، 1994، ص97؛ VAN DER MERW (S.E.): Unconstitutionally Obtained evidence: Towards a Compromise between the Common Law and the Exclusionary Rule, Stell.I.Rev.1992, 192. ([4]) JUNG (H.): Vers un Nouveau Model du Procés Pénal?, Refléxions sur les Rapports, "la Mise en Etat des Affaires Pénales", R.S.C., 1991, p.531. ([5]) د. عبد التواب معوض الشوربجي، التجنيح القضائي في ضوء مشروع وزارة العدل لسنة 1993، القاهرة 1995، ص3.

DOI

10.21608/mle.2021.226329

Authors

First Name

رحاب

Last Name

عمر محمد سالم

MiddleName

-

Affiliation

مدرس القانون الجنائى کلية الحقوق - جامعة القاهرة

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

94

Article Issue

1

Related Issue

32474

Issue Date

2021-07-01

Receive Date

2019-12-01

Publish Date

2021-07-01

Page Start

11

Page End

80

Print ISSN

0304-2324

Online ISSN

2735-4083

Link

https://mle.journals.ekb.eg/article_226329.html

Detail API

https://mle.journals.ekb.eg/service?article_code=226329

Order

1

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,481

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة القانون والاقتصاد

Publication Link

https://mle.journals.ekb.eg/

MainTitle

محاولات للتخفيف من نطاق البطلان

Details

Type

Article

Created At

23 Jan 2023