يتناول هذا البحثُ بيانَ ماهيَّة الحماية الجنائيَّة للبيئة ودورها في تحقيق التَّنمية المُستدامة، وذلک في ظلِّ ما أدرکته دول العالم من ضرورة الاهتمام بمُشکلات البيئة التي تُواجه العالم وتهدِّد وجوده في المُستقبل، وأصبحت واقعًا ملموسًا تعاني منه الدول والأفراد نتيجة التقنيات الحديثة والتقدُّم الصناعي وما نجم عنها من استنزافٍ للموارد وأضرار بيئيَّة.
 ولقد عملت کلُّ دولة في نطاق سيادتها الإقليميَّة - إدراکًا منها لهذه المخاطر - على إصدار تشريعاتٍ وقوانينَ لحماية البيئة ومُکافحة التلوُّث، مع تدعيم هذه التَّشريعات بجزاءاتٍ جنائيَّةٍ تُجبر الناس على احترامها، حيث تضَّمنت التَّشريعات البيئيَّة جزاءاتٍ جنائيَّة، تمثَّلت في عقوباتٍ توقَّع على مُرتکبي الجرائم البيئيَّة؛ فالغاية من العقوبة الجنائيَّة البيئيَّة هي تحقيقُ الردع العام والخاص، متمثِّلًا بردع المخالف، وإزالة آثار المُخالفة البيئيَّة، وإعادة الحالة إلى ما کانت عليه قبل وقوع الجريمة البيئيَّة.