تبحث هذه الدراسة في تقييم أثر صحافة المواطن على المنظومة الاجتماعية العربية ، خصوصاً بعد ظهور شبکة المعلومات الدولية الإنترنت ، التي تعتبر بمثابة ثورة غير مسبوقة في مجال وسائل الاتصال ، بما أتاحته من حرية وسهولة وسرعة على مدار الساعة ، وبما قدمته من خدمات متعددة ومتباينة من مواقع ومنتديات وتصفح وغرف دردشة ومجموعات إخبارية وبريد الکتروني ضخم المساحة ، والتي تُعد ثورة في مجال الإعلام الجديد ، أدت إلى زيادة دور الشبکة باعتبارها وسيلة حرة للتعبير والتفاعل والتواصل ، وإلى نمو غير مسبوق في إعداد المدونات والمواقع الاجتماعية ، فأصبح بإمکان کل فرد أن يکون صحفياً ببساطة ، کما نتج عنه نشوء مفهوم حديث وهو الإعلام التدويني ، بل وظهر فرع جديد من علم الاجتماع يطلق عليه (علم إجتماع الإنترنت)Internet Sociology، وکذلک نشوء مصطلح ومفهوم جديد هو( صحافة المواطنCitizen Journalism ) في إطار ماعرف بالإعلام الجديد کظاهرة معقدة ومرکبة ، تولدت نتيجة لتداخل موجات متتالية من الظروف والعوامل المتعلقة بالتطور التکنولوجي والمعلوماتي الهائل والمتسارع في مجال الاتصال ، ذلک التطور الذي نتج عنه ظهور العديد من الأشکال المستحدثة والمبتکرة من نظم الاتصال الإلکتروني ، وأخرى متعلقة بشعور الجمهور بقصور إمکانات الإعلام التقليدي ومحدوديته. وتأتي أهمية هذه الورقة البحثية في ضوء تنامي ظاهرة صحافة المواطن وامتدادها لمختلف المجالات السياسية والاجتماعيةوالثقافية وغيرها ومشارکة مختلف فئات المجتمع في عملية التدوين والشبکات الاجتماعية مما يدل على التقدير الذي تحظى به صحافة المواطن ، وإدراک الجميع لخطورة دورها وتأثيرها على المنظومة الاجتماعية ، خصوصاً بعد ان تهيأ لها واقع جديد وعوامل عديدة ، أدت لنشأتها ونشاطها وتوسعة آفاقها ، منها سهولة الوصول إلى المعلومات ونشرها في الوقت نفسه ، وتحفيز الأفراد لأن يکونوا أکثر فاعلية للحصول على المعلومات ، مما أسهم هذا التطور النوعي في إنشاء مجتمعات عدة، وإن کان يغلب عليها الطابع الافتراضيThe hypothetical Nature ، إلا أنها تؤدي الوظائف والأدوار التي تقوم بها المجتمعات الفعلية ، بالإضافة إلى أنه ومن خلال هذه المجتمعات يتم تشارک الاهتمامات والاحتياجات بين الأفراد والجماعات عبر أدوات الإعلام الاجتماعي. کما أتاحت صحافة المواطن بعد أن توسعت فکرته في الفترة الاخيرة للناس العاديين التعبير عن أفکارهم وآرائهم من دون التقيد بمعايير مهنية ، مما يؤکد أن مستقبل تلک الظاهرة يدفع للتقارب بين وسائل الاتصال ، فوسائل الإعلام أصبحت تتقارب وتتکامل دون أن تنفي إحداها الأخرى. وخلصت الورقة البحثية الى جملة من الخلاصات الهامة منها : أثارت وسائل الإعلام الجديد (صحافة المواطن) وعي الجمهور العربي ، وحرضته على مدار سنوات على الثورة والتغيير ، بحيث تم تزويد الجماهير بالأخبار والمعلومات والمعرفة اللازمة لتعديل السلوک ، وکشفت له الکثير من الظلم والقهر والاستبداد ، وعرت أنظمة الفساد ، ودفعت وشجعت الجماهير على تغيير الحال البائس الذي تعاني منه الأمة العربية والإسلامية نتيجة سياسات تلک الأنظمة المتسلطة.