يمثل عنصر العمل أحد أهم العناصر في العملية الإنتاجية، بل هو العنصر الذي يقود العملية بأکملها، ومن ثم قاطرة النمو الإقتصادي بالکامل، وذلک من خلال أثره علي رفع معدلات الإنتاج، ونظراً لما يعانيه الإقتصاد القومي من مشکلات وصعوبات عديدة لعل من أهمها المشاکل المتعلقة بالعمالة من حيث إرتفاع الأجور وإنخفاض الإنتاجية، مما ينعکس أثره علي حجم الناتج القومي ومستوي المعيشة والذي يعتبر معه علاجها هو المعيار الحقيقي لکفاءة إستخدام الموارد البشرية ومنطقتها ومدي تحقيق العدالة الإجتماعية في توزيع الناتج القومي، لذا يستهدف البحث تحليل العلاقة بين معدلات الأجور والإنتاجية للقطاعات الإقتصادية في مصر خلال الفترة (1999/2000-2013/2014) من خلال دراسة تطور قوة العمل بالقطاعات الإقتصادية المختلفة ومساهماتها النسبية علي المستوي القومي، وإلقاء الضوء علي تطور کل من الأجور والإنتاجية بالقطاعات الإقتصادية المختلفة، وبدراسة العلاقة بين الأجور والإنتاجية في الإقتصاد القومي والزراعي يتبين أن هناک علاقة طردية ومؤکدة إحصائياً إذ بلغمعامل الإستجابة في قطاع الزراعة والري حوالي 1,424 خلال الفترة الأولي (1999/2000-2006/2007) إنخفضت لتصل لنحو 0,975 خلال الفترة الثانية (2007/2008-2013/2014)، مما يشير إلي أن معدلات الأجور النسبية لقطاع الزراعة والري لم تتجاوب بنفس المعدلات مع نظيرتها الإنتاجية خلال الفترة الثانية، کما بلغ معامل الإستجابة في قطاعات الصناعة والتعدين، والبترول ومشتقاته حوالي 1,815، 0,745 خلال الفترة الأولي إنخفضت لتصل لنحو 0,927، 0,450 خلال الفترة الثانية علي الترتيب، بينما بلغ معامل الإستجابة في قطاعات التشييد، والکهرباء والمياه حوالي 0,925، 0,793 خلال الفترة الأولي إرتفعت لتصل لنحو 1,051، 2,240 خلال الفترة الثانية علي الترتيب، مما يشير إلي إستجابة معدلات الأجور بهذين القطاعين لمستوي الإنتاجية خلال الفترة الثانية مقارنة بالفترة الأولي. أما فيما يختص بمجموعة القطاعات الرئيسية في الإقتصاد القومي تبين أن هناک علاقة طردية ومؤکدة إحصائياً بين کل من الأجور والإنتاجية في کل من مجموعات القطاعات السلعية والخدمات الإنتاجية والإجتماعية، وقد تبين أن معامل الإستجابة لتلک القطاعات الرئيسية بلغ حوالي 0,819، 1,180، 0,462 خلال الفترة الأولي إرتفع ليصل لنحو 0,887، 1,782، 1,607 خلال الفترة الثانية علي الترتيب، مما يشير إلي إستجابة معدلات الأجور بهذه القطاعات لمستوي الإنتاجية خلال الفترة الثانية مقارنة بالفترة الأولي. وفي ضوء النتائج التي تم التوصل إليها فإن البحث يوصي بأهمية إستخدام آليات إقتصادية وتشريعية فعالة وقابلة للتطبيق لعلاج الخلل والتشوهات في العلاقة بين مقدار ما يساهم به قطاعي الخدمات الإنتاجية والإجتماعية في الناتج المحلي الإجمالي وحجم القوة العاملة بهما، بما يحقق عدالة التوزيع بين الأهمية النسبية لکل من الناتج المحلي الإجمالي والأهمية النسبية لحجم القوة العاملة لهذين القطاعين، بالإضافة لضرورة إعادة النظر في مستويات الأجور بقطاعات الزراعة والري، الصناعة والتعدين، والبترول ومشتقاته، فبالرغم من إرتفاع متوسط مستوي الأجور بتلک القطاعات خلال الفترة الثانية، إلا أنها لم تتجاوب مع معدلات النمو السريعة في متوسط إنتاجية العمالة بهذه القطاعات، ويؤکد ذلک إنخفاض معامل إستجابة الأجور للإنتاجية بتلک القطاعات، ما يستلزم ضرورة مراجعة مستويات الأجور بتلک القطاعات القادرة علي خلق فرص عمل حقيقية.