إن للسرد حضوراً قوياً في القصيدة العربية القديمة والحديثة على حد سواء ؛ لأن الشاعر بطبيعة الحال يسرد أحداثاً ووقائع داخل القصيدة، ويتتبع – جيداً – حركة الشخصيات، والزمان، والمكان من بداية القصيدة أو الديوان – إن كان يعبر عن تجربة إنسانية واحدة – حتى نهايتها في نسق واحد أو صورة سردية واحدة؛ ليصف مشهداً متجسداً أمامه، تتحد فيه عناصر سردية كثيرة، تكشف – في مجملها – عن قدرة الشعر العربي على استيعاب معطيات الفنون الأدبية الأخرى مثل الدراما، والقصة، والسرد الحكائي عموماً وتوظيفها ؛ لنقل تجارب الشعراء من المستوى الذاتي إلى مستوى آخر موضوعي يكشف عن هموم الوعي الجماعي العربي ، من خلال معالجة الأحداث – سواء أكانت حقيقية أم خيالية – في زمان وحيز معينين ، تقوم بتأديتها شخصيات معينة بواسطة اللغة. وقد لقي المديح – وخاصة المديح النبوي- احتفاءً كبيراً في الشعر العربي بحيث نستطيع القول بأنه من أكثر أغراض الشعر انتشاراً  وتأثيراً وخطراً في الحياة العربية، وتعد المجموعة النبهانية من أوائل المختارات الشعرية في المديح النبوي – فيما أظن – والتي حفظت التراث المدائحي النبوي. ولذا فإن هذا البحث يسعى – من خلال القراءة والتأمل – إلى الوقوف على تجلي الفضاء بأنواعه لدى شعراء المجموعة النبهانية لاسيما الفضاءات ذات الصلة بالنبي (ﷺ) وكذا الكشف عن خصوصيتها وأبعادها بالرغم من كثافة الأمكنة وتنوعها وتعدد الفضاءات ما بين أماكن واقعية حقيقية ، وأماكن متخيلة مرتبطة برؤى كل شاعر ومخزونه الثقافى وقد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه على النحو الآتي: -         مقدمة: تضمنت عرضاً عاماً موضوع البحث. -         المحور الأول: وندرس فيه الفضاء الجغرافي/المكاني المتمثل في : الفضاء الطللي، واللامتناهي المفتوح ، والمتناهي المغلق. -         المحور الثاني : وتناول فيه الفضاء النصي /الطباعي والدلالي ، عبر دراسة الفضاء النصي الداخلي كالشطر الشعري، والتعليقات النصية ، والفضاء الدلالي كالصورة الرمزية الطبيعية والتراث. -         قائمة المصادر والمراجع. وختمت هذا البحث بخاتمة بينت فيها أهم النتائج، ووضعت في نهايتها قائمة المصادر والمراجع التي اعتمدت عليها.